مسهم طائف من الشيطان تذكروا فأقلعوا فاستغفروا
3-8-2002 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأود أن أعرف من فضيلتكم جزاكم الله عن المسلمين خيراً كيف يقع المؤمن وهو مؤمن ويعلم كثيراً حدود الله ويقرأ القرآن ويحفظه ويتبع السنة النبوية الشريفة في كل شيء وبرغم ذلك يقع في الكبائر وخاصة الزنا؟ أعاذنا الله وإياكم وبرغم التمسك بالدين إلا أنه يقع فيه؟ وكيف يتوب من وقع في هذه الكبيرة؟جزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن المؤمن مع إيمانه بالله واليوم الآخر، ومع معرفته بأن معصية الله تؤدي إلى سخطه وعقوبته، إلا أنه يقع منه الذنب، وتبدر منه المعصية على حين غفلة عن الله تعالى، وفي ساعة ضعف في إيمانه، كما في الحديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" قيل: يرتفع إيمانه في تلك الساعة، أو يضعف إيمانه فلا يقوى على مدافعة الشيطان فيغلبه الشيطان وينال منه، لكن سرعان ما يعود المؤمن فيحاسب نفسه، ويوقفها عند حدود الله، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف:201]. وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران:135].
فقوله جل ذكره: (ذَكَرُوا اللَّهَ) كأنهم كانوا حال معصيتهم ناسين لله تعالى، ثم انتبهوا إلى أن عين الله ترقبهم فأقلعوا عن المعصية ولهجوا بالاستغفار، وهؤلاء الذين يضعف إيمانهم، وتخور قواهم، وتغلبهم اللذة الحاضرة، وتهبط بهم دواعي الجسد أحياناً إلى درك الفاحشة، هؤلاء جعلهم الله تعالى في سلك المتقين، كما قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران:133]. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّه) [آل عمران: 135].
يقول سيد قطب: إن هذا الدين ليدرك ضعف المخلوق البشري الذي تهبط به ثقلة الجسد أحياناً إلى درك الفاحشة، وتهيج به فورة اللحم والدم، فينزو نزوة الحيوان في حمى الشهوة، وتدفعه نزواته وشهواته وأطماعه ورغباته إلى المخالفة عن أمر الله.. في حمى الاندفاع يدرك ضعفه، فلا يقسو عليه، ولا يبادر إلى طرده من رحمة الله حين يظلم نفسه حين يرتكب الفاحشة (المعصية الكبرى)، وحسبه أن شعلة الإيمان ما تزال في روحه لم تنطفئ، وأن نداوة الإيمان ما تزال في قلبه لم تجف، وأن صلته بالله ما تزال حية لم تذبل، وأنه يعرف أنه عبد يخطئ، وأن له رباً يغفر ما دام يدوام يذكر الله، ولا ينساه، ويقر بالعبودية له، ولا يتبجح بمعصية. فأما الذين يستهترون ويصدون، فهم هناك خارج الأسوار، موصدة في وجوههم الأبواب. في ظلال القرآن 1/477.
وبهذا تعرف طريق التوبة من كل ذنب، الزنى وغيره، وهي الندم، والاستغفار، والعزم على عدم العودة إليه، وترك الإصرار.
والله أعلم.