الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل الأوزاغ ليس لأجل جريرة واحد منها في عهد غابر، وإنما لأجل أنها مؤذية بطبعها تفسد الطعام وتسم الإنسان فاقتضى ذلك قتلها، كما تقتل العقرب والحية وغيرها من ذوات السموم وذكر حال بعضها في عهد إبراهيم ـ عليه السلام ـ فيه بيان لخبثها وضررها وتمكن الشيطان منها وعداوتها للإنسان، قال الملا علي قارئ في شرح المشكاة في شرح حديث نفخه على نار إبراهيم: قال القاضي بيان لخبث هذا النوع وفساده وأنه بلغ في ذلك مبلغا استعمله الشيطان فحمله على أن نفخ في النار التي ألقى فيها خليل الله عليه الصلاة والسلام وسعى في اشتعالها، وهو في الجملة من ذوات السموم المؤذية، قال ابن الملك: ومن شغفها إفساد الطعام خصوصا الملح، فإنها إذا لم تجد طريقا إلى إفساده ارتقت السقف وألقت خرأها في موضع يحاذيه، وفي الحديث بيان أن جبلتها على الإساءة متفق عليه. اهـ.
وقال الدهلوي: وأمر صلى الله عليه وسلم بقتل الوزغ وسماه فاسقا وقال: كان ينفخ على إبراهيم ـ وقال: من قتل وزغا في أول ضربة كتب له كذا وكذا، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك ـ أقول: بعض الحيوان جبل بحيث يصدر منه أفعال وهيآت شيطانية وهو أقرب الحيوان شبها بالشيطان وأطوعه لوسوسته، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أن منه الوزغ، ونبه على ذلك بأنه كان ينفخ على إبراهيم لانقياده بحسب الطبيعة لوسوسة الشيطان وإن لم ينفع نفخه في النار شيئا، وإنما رغب في قتله لمعنيين:
أحدهما: أن فيه دفع ما يؤذي نوع الإنسان فمثله كمثل قطع أشجار السموم من البلدان ونحو ذلك مما فيه جمع شملهم.
والثاني: أن فيه كسر جند الشيطان ونقص وكر وسوسته، وذلك محبوب عند الله وملائكته المقربين، وإنما كان القتل في أول ضربة أفضل من قتله في الثانية لما فيه من الحذاقة والسرعة إلى الخير. والله أعلم. اهـ.
وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين: والوزغ سام أبرص، هذا الذي يأتي في البيوت يبيض ويفرخ ويؤذي الناس أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، وكان عند عائشة ـ رضي الله عنها ـ رمح بها تتبع الأوزاغ وتقتلها، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قتله في أول مرة فله كذا وكذا من الأجر، وفي الثانية أقل، وفي الثالثة أقل... كل ذلك تحريضا للمسلمين على المبادرة لقتله، وأن يكون قتله بقوة ليموت في أول مرة، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم فاسقا، وأخبر أنه كان ينفخ النار على إبراهيم ـ والعياذ بالله ـ حين ألقاه أعداؤه في النار جعل هذا الخبيث الوزغ ينفخ النار على إبراهيم من أجل أن يشتد لهبها مما يدل على عدواته التامة لأهل التوحيد والإخلاص، ولذلك ينبغي للإنسان أن يتتبع الأوزاغ في بيته في السوق في المسجد ويقتلها. والله الموفق. اهـ.
والله أعلم.