الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا ليست بمصدر شرعي يعتمد عليه، في إثبات تجريح شخص، ولا في كونه من أهل النار.
وأما رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، فيمكن حصولها لأي مسلم، وهي رؤيا حق لمن رآه على صفته التي ذكرها من وصفوه من أصحابه رضوان الله عليهم، وهي موجودة في كتب الشمائل والسير، ففي الحديث: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي. رواه مسلم.
إلا أنه يتعين عرض ما سمع منه في الرؤيا على الشرع، فإن قبله فلا حرج في حكايته، وإلا فإنه مردود، فعائشة رضي الله عنها قد ثبتت تزكيتها بدلالة النصوص الشرعية، ولا يمكن إبطال ما روى الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته برؤيا منامية، فقد حكى الإمام النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض في الاحتجاج بما يراه النائم في منامه قوله: أنه لا يبطل بسببه -أي المنام- سنة ثبتت، ولا يثبت به سنة لم تثبت، وهذا بإجماع العلماء.
وقال النووي: وكذا قال غيره من أصحابنا وغيرهم، فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع. انتهى. وقال النووي أيضاً في المجموع: لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان ولم ير الناس الهلال، فرأى إنسان النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: الليلة أول رمضان، لم يصح الصوم بهذا المنام، لا لصاحب المنام ولا لغيره. انتهى.
والله أعلم.