الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على الخير ورغبة فيه، ثم اعلم ـ أيها الأخ الفاضل ـ أن الجماعة وإن كان الراجح وجوبها على الأعيان إلا أنها تسقط لأعذار، ولم يضيق الله عز وجل على عباده ولا شرع لهم تعطيل مصالحهم وألا يقضوا حاجاتهم لأجل صلاة الجماعة، وانظر لبيان طرف من ذلك الفتوى رقم: 142417.
فإذا كان لك عذر يبيح ترك الجماعة كأن كنت أجيراً لحفظ مال يخشى ضياعه أو عمل يخاف عليه الفساد إذا ذهبت إلى المسجد أو منعك المستأجر الذهاب إلى المسجد فلا حرج عليك في ترك الجماعة إذاً، قال في كشاف القناع في عد الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة: أو خائف من ضرر فيه ـ أي ماله ـ أو في معيشة يحتاجها، أو أطلق الماء على زرعه أو بستانه يخاف إن تركه فسد، أو كان مستحفظاً على شيء يخاف عليه الضياع إن ذهب وتركه كناطور بستان ونحوه، لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق. انتهى.
ونص بعض العلماء على أن الأجير يترك الجماعة إلا إن أذن له المستأجر، أو كان شرط ذلك عند العقد، قال في مطالب أولي النهى: ويتجه باحتمال قوي أن للأجير الخاص فعل الصلاة جماعة، لكن قال المجد: ظاهر النص أنه يمنع من خصوص الجماعة إلا بإذن أو شرط. انتهى.
فإذا علمت هذا، فإن كنت مستأجرا للتدريس فإن أمكنك أن تصلي جماعة مع بعض الطلاب في وقت الراحة فافعل، وإن لم يمكنك ذلك فلا إثم عليك، ولا إثم عليك في حضور ما تريد حضوره من الدورات مما لك فيه مصلحة، واحرص على الدعوة إلى الله وأن تبين للطلاب أهمية الصلاة وأهمية شأن صلاة الجماعة، ثم تحرص على الصلاة مع بعضهم في جماعة إن أمكن، وإن لم يتيسر لك ذلك ولم تتمكن من شهود الجماعة إلا بضرر يلحقك فلا إثم عليك في تركها، ولا تعلق للمال الذي تكتسبه بمسألة الجماعة، بل هو مال مباح ما دمت تكتسبه من حله، ولا حرج عليك في الانتفاع به كيف شئت.
هذا وسؤالك عن أحكام الشرع ومعرفة ما يجب عليك من الأمور المهمة التي لا ينبغي لك التفريط فيها مع الحرص على سد باب الوساوس فإنه من أبواب الشر.
والله أعلم.