الإيلاج بالعازل الطبي...رؤية شرعية
8-8-2002 | إسلام ويب
السؤال:
شيخنا، هذا سؤال وسوس لي به أحدهم، وقد احترت فيه: ما هو ضابط الزنا الذي فيه الحد، هل هو الإيلاج أم اللمس ، بمعنى هل إذا زنى أحدهم مستعملا عازلا طبيا يكون زناه لا يوجب الحد بما أن عضوه لم يلمس المرأة حقيقة أم أنه يستوجب الحد بما أنه أدخل عضوه ؟ هب أني أناقش فقيها أصوليا، كيف أقنعه بالجواب مدعوما بالدليل النقلي الصحيح ؟ وقد عثرت على فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب " لقاءات الباب المفتوح " يسأل فيها عن وجوب الغسل لمن جامع بالعازل الطبي ولم ينزل، فأجاب " أن الأحوط أن يغتسل، وأن بعض العلماء قالوا إنه لا غسل عليه لأن الختانين لم يلتقيا ". فلست أدري إن كان هذا يجيب عن هذا.
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أهل العلم - رحمهم الله - اختلفوا في الإيلاج بحائل، فالذي عليه المالكية وبعض من الحنفية أنه إذا كان كثيفًا يمنع اللذة فإنه لا يوجب غسلاً ولا يترتب عليه حد، بخلاف الحائل الرقيق الذي توجد معه اللذة وحرارة الفرج.
وذهب الشافعية في الصحيح من مذهبهم وبعض الحنفية إلى عدم التفريق بين الحائل الكثيف وغيره، واعتبروا الإيلاج كافٍ .
وقال المرداوي وهو حنبلي -عند كلامه على حكم تغييب الحشفة- فإن وجد حائل بأن لف عليه خرقة أو أدخله في كيس لم يجب الغسل على الصحيح من المذهب.. قدمه في الفروع.
وقيل: يجب أيضاً وهو كظاهر كلام المصنف، وأطلقهما في المستوعب والنظم وابن تميم.
وقال صاحب المبدع وهو حنبلي أيضاً - عند كلامه على موجبات الغسل: وهو تغييب الحشفة الأصلية، أو قدرها ... بلا حائل. وقيل : ومعه وإن لم يجد حرارة .
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين - عليه رحمة الله - عند كلامه على موجبات الغسل في شرحه لـزاد المستقنع- خلاف العلماء في اعتبار الحائل الرقيق وعدم اعتباره، وقال : إن الأقرب والأحوط عدم اعتبار الحائل الرقيق . وبالتالي فهو كلا شيء هذا هو مراد الشيخ رحمه الله.
ومن خلال هذا العرض لمذاهب الأئمة في المسألة يتضح أنهم متفقون على أن الحائل الذي لا يمنع الحرارة وتوجد معه اللذة كلا شيء، باستثناء الخلاف عن الحنابلة في ذلك .
وعليه، فإن الزنا مع العازل الطبي الذي توجد معه اللذة لا فرق بينه وبين عدمه؛ إذ يحصل لصاحبه أقصى ما يحصل لكل مرتكب جريمة الزنا من انتهاك الحرمات والاعتداء على فرج غير مملوك له وكمال اللذة، هذا بالإضافة إلى أن النصوص الشرعية الواردة في الزنا الموجب للحد ظاهرها أن مناط الحكم هو الإيلاج، ولا شك أن مستعمل العازل يعتبر مولجاً عرفاً ولغةً، وهذا أمرٌ واضح لا ينبغي التشكيك فيه .
والله أعلم.