الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الحب بين النساء، مع ذكر أقسامه في الفتوى رقم:
8424.
أما المعانقة والتقبيل ففيهما خلاف بين العلماء إذا اتحد الجنس، فمذهب
الحنفية والمالكية :
الكراهة مطلقًا. قال في
البحر الرائق :
ويكره تقبيل وغيره ومعانقة، ولا بأس بالمصافحة. انتهى
وقال في
الفواكه الدواني :
وكره مالك كراهة تنزيهية، المعانقة؛ لأنها من فعل الأعاجم. انتهى.
وذهب
الشافعية إلى سنية ذلك للقادم من سفرٍ أو الغائب غيبة طويلة، وكراهيته في غير ذلك، قال في
تحفة الحبيب :
وتكره المعانقة والتقبيل في الرأس؛ إلا لقادم من سفرٍ أو تباعد لقاء -عرفًا- فسنة للاتباع. انتهى
قال في
الحاشية :
فسنة : أي عند اتحاد الجنس. انتهى
وذهب الحنابلة إلى : الجواز مطلقًا إذا كان إكرامًا واحترامًا لأجل الدين لا لأجل الدنيا. قال ابن مفلح في الآداب : وتباح المعانقة وتقبيل اليد والرأس تديناً وإكرماً واحتراماً مع أمن الشهوة، وظاهر هذا عدم إباحته لأمر الدنيا، واختاره بعض الشافعية . انتهى
والراجح - والله أعلم - هو كراهية المعانقة، إلا لمن جاء من سفرٍ، جمعاً بين الأدلة الناهية والمبيحة، ففي سنن ابن ماجه عن أنس قال : قلنا : يا رسول الله أينحني بعضنا لبعضٍ؟ قال : لا، قلنا : أيعانق بعضنا بعضاً؟ قال : لا ، ولكن تصافحوا. وصححه الألباني.0
وروى أحمد في مسنده عن أبي ريحانة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوشر والوشم والمشاغرة والمكامعة والوصال والملامسةً. وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
والمكامعة هي المعانقة، كذا ذكره الزيلعي في نصب الراية، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عانق القادمين من السفر، كما مضى بيانه في الفتوى رقم:
16405.
والحكم المذكور هو عن معانقة الرجل للرجل أو المرأة للمرأة.
أما معانقة الرجل لمحارمه، فراجع فيها الفتوى رقم: 18159.
وأما معانقة الرجل للمرأة الأجنبية البالغة، أو التي لم تبلغ لكنها تشتهى، فحرام بالإجماع، سواء كان بشهوةٍ أو بغير شهوة.
وإننا لنوصي الأخت الكريمة بمدافعة هذا الشعور؛ لأنه يؤدي في الغالب إلى ما لا تحمد عقباه، من الأمور المحرمة التي نهى الله العباد عن أن يقربوها، فقال :وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ .[الأنعام:151] .
والله أعلم.