الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشكر الله لك التزامك بدينك، وتحريك للحلال، وحذرك من الحرام. وننبهك إلى ضرورة مراعاة الحذر من الوسوسة وتمكنها منك؛ لأن آفتها خطيرة، وعواقبها وخيمة، وقد بينا ماهيتها وكيفية علاجها في الفتوى رقم: 3086.
وأما ما سألت عنه، فجوابه أن الموظف يعتبر أجيرا خاصا لدى جهة عمله، والأجير الخاص كما جاء في كشاف القناع: من قدرّ نفعه بالزمن؛ لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة لا يشاركه فيها غيره. اهـ
وإذا سلم نفسه للعمل، فإنه يستحق الأجرة بالتمكين سواء وجد عمل أو لم يوجد. وعليه أن يتقي الله تعالى، وأن يؤدي الأعمال التي كلف بها بمقتضى وظيفته واستحق عليها راتبا، فيؤديها على الوجه المطلوب؛ وذلك لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. {المائدة/1}، وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال/27}، وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود، وصححه السيوطي.
لكن لو أنجز الموظف العمل الموكل به، وكان عنده وقت فراغ لم يكلف فيه بشيء، فلا مانع من أن يستخدمه فيما لا يعود بضرر على العمل كقراءة الكتب، أوتصفح المواقع المباحة ونحوها، إن كانت جهة العمل تأذن في استخدام أجهزتها في ذلك.
جاء في فتوى للشيخ ابن باز- رحمه الله تعالى- . حول ذات المسألة بأنه: إذا لم يكن لدى العامل عمل، فلا حرج في قراءة القرآن, ونحوه, وهو خير من السكوت, أما إذا كانت القراءة تشغل الموظف عن شيء يتعلق بعمله، فلا يجوز له ذلك ؛ لأن الوقت مخصص للعمل, فلا يجوز له أن يشغله بما يعوقه عن العمل .انتهى بتصرف يسير.
وأما ما يترتب على التقصير في العمل فقد بيناه في الفتوى رقم: 56569.
والله أعلم.