الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر، لكن مهما عظم الذنب فإن من تاب توبة صحيحة تاب الله عليه، والتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والواجب على من وقع في معصية أن يستر على نفسه ولا يفضحها، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
قال ابن عبد البر: وفيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة.
وعليه، فقد أصبت حين سترت على نفسك ولم تخبري هذا الخاطب بمعصيتك، واضطرارك إلى الكذب والحلف على ذلك لا حرج فيه ـ إن شاء الله ـ ولا تلزمك كفارة، فقد جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب عند ذكر الأمور التي رخص في الكذب فيها: فَهَذَا مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَكَذِبِهِ لِسَتْرِ مَالِ غَيْرِهِ عَنْ ظَالِمٍ، وَإِنْكَارِهِ الْمَعْصِيَةَ لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يُجَاهِرْ الْغَيْرُ بِهَا. اهـ
وانظري الفتويين رقم: 47655، ورقم: 43279.
وأما قول الخاطب إنه يقصد أن الزواج يكون باطلا إذا كذبت عليه: فلا أثر له على صحة الزواج ولا يلزم به شيء، واعلمي أنك إذا كنت صادقة في التوبة فسوف يقبل الله توبتك ويسترك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.