الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعاصي أصل كل بلية تصيب العبد، وباب من أبواب كدر النفس وهمها وغمها، فقد قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].
وقال أحد السلف: إني لأجد أثر المعصية في خلق امرأتي ودابتي.
إذا تقرر هذا.. فاعلم أن التوبة هي رأس الدواء لما أنت فيه من ضيق وهم، ودين وغم، ورحمة الله واسعة، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طـه:82].
فالزم بابه، واحتم بجنابه، واحذر التسويف، فإن الأجل محدود، والغيب مكتوم، ولا تدري متى الرحيل.
واعلم أن هنالك أدعية نبوية، فالزمها، وأحسن الظن بربك، واجعل رجاءك فيه، ومن هذه الأدعية:
أولاً: ما ورد في مسند أحمد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب لله همه وحزنه، وأبدل مكانه فرجا، قال: فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
ثانياً: وفي سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد عن علي -رضي الله عنه-، أن مكاتباً جاءه فقال: إني عجزت عن كتابتي فأعني؟ قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لو كان عليك مثل جبل صيرٍ ديناً أداه الله عنك، قال: قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.
وفقك الله للتوبة، وكشف عنك الهم والغم، وقضى عنك الدين. اللهم آمين.
والله أعلم.