الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحاشا شيخ الإسلام -رحمه الله- أن يكون يكفر الأشاعرة. ومن شم رائحة العلم، وعرف طريقة الشيخ -عليه الرحمة- علم أنه من أبعد الناس عن التكفير، وإذا كان قد نص في غير موضع من كلامه -رحمه الله- على أن غلاة المبتدعة كالرافضة ونحوهم لا يكفر المعين منهم إلا بعد إقامة الحجة، فكيف يقول بتكفير الأشاعرة؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. بل قد نص الشيخ على أن الأشاعرة من أهل السنة بالنظر إلى غيرهم من غلاة المبتدعة، وأنهم أهل السنة في البلاد التي يكون المعتزلة والرافضة فيها هم أهل البدعة، ومن كلامه في ذلك قوله رحمه الله: وأما الأشعرية فلا يرون السيف موافقة لأهل الحديث، وهم في الجملة أقرب المتكلمين إلى مذهب أهل السنة والحديث.
وقال رحمه الله: وإن كان في كلامهم من الأدلة الصحيحة، وموافقة السنة ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف، فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة، والحديث، وهم يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة، والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة، والرافضة ونحوهم. انتهى.
ولو طفقنا نتتبع المواضع التي أثنى فيها الشيخ على الأشاعرة، ونقل فيها عن كبار علمائهم، وما ذكره من ترجموه من أخباره في ذلك، لطال المقام جدا، ولسنا بحاجة إلى التطويل في الدفاع عن الشيخ، ونفي هذه الفرية عنه، فإن تصانيفه -رحمه الله- طافحة بنفيها لمن تدبر وأنصف.
والله أعلم.