الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أسرفت على نفسك ـ أيها الأخ ـ وارتكبت من الموبقات ما يستوجب التوبة والندم الشديد، ولكن والحمد لله باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، والتوبة من جميع الذنوب واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها، ومن تاب من ذنب دون آخر صحت توبته من ذلك الذنب، وعليه أن يبادر بالتوبة مما هو مقيم عليه من الذنوب، قال النووي: ويجب أن يَتُوبَ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ، فَإِنْ تَابَ مِنْ بَعْضِها صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ أهْلِ الحَقِّ مِنْ ذلِكَ الذَّنْبِ، وبَقِيَ عَلَيهِ البَاقي. انتهى.
وبهذا تعلم أن الواجب عليك هو أن تبادر بالتوبة دون أي تأخير من جميع ما أنت مقيم عليه من الذنوب، مستعينا على ذلك بالله تعالى مجتهدا في دعائه واللجأ إليه حريصا على صحبة الصالحين مكثرا من فعل النوافل مستزيدا من الطاعات ما أمكن، فإنك بحاجة إلى الإكثار من العبادات ونوافل الطاعات لتلافي ما حصل منك من تفريط عظيم، قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود:114}.
فإذا زللت وعاودت فعل الذنب الذي تبت منه فلا تيأس ولا تقنط مهما تكرر ذلك، بل كرر التوبة وخذ بأسباب الاستقامة حتى يمن الله عليك بالإقلاع التام عن هذه الذنوب، ولا تؤخر التوبة وتقول إلى أن أكفر عن تلك الأيمان، بل بادر بالتكفير عن أيمانك تلك مع المبادرة بالتوبة كذلك، وانظر لبيان حكم كفارة اليمين هل هي على الفور أو على التراخي الفتوى رقم: 96808.
والخلاصة أن عليك أن تبادر بالتوبة والتكفير عن أيمانك، ولا تعلق للتوبة من هذه الذنوب بالأيمان التي لم تكفرها، ثم إذا عدت وواقعت الذنب الذي تبت منه فعد وتب ولا تقنط من رحمة الله، فإنه لا يزال يغفر للعبد ما تاب إليه واستغفره، رزقنا الله وإياك توبة نصوحا.
والله أعلم.