الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلمين أن يقيموا دولة إسلامية تطبق شرع الله في أرضه، ويقام بها العدل والقسط بين الناس، ويمكن في ظلها للدعاة إلى الله تعالى أن يدعوا الناس إلى الله تعالى، ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. وفي غياب تلك الدولة يكون كل مسلم مطالباً حسب طاقته وما أتيح له من وسائل بأن يسعى لإقامتها ويبذل الوسع كله في سبيل ذلك.
ومن قصر في فعل ما يستطيع فعله من ذلك فهو آثم يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره.
أما الوسائل لإقامة الدولة الإسلامية فهي متعددة الجوانب وتختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، فقد تصلح وسيلة ما في زمان أو مكان معينين وتكون غير صالحة في أزمنة أو أمكنة أخرى، وربما تتاح لشخص وسيلة غير متاحة لغيره، ولعل الوسيلة التي لا يعجز عنها أغلب المسلمين الآن هي الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة لكافة الناس، ونشر الوعي الإسلامي بين جماهير المسلمين وكافة شرائحهم، وإظهار محاسن الدين الإسلامي، وتبيين حاجة البشرية الماسة إليه وإلى دولة الإسلام التي تهدي إلى الحق وبه تعدل وتقيم القسط وترفع الظلم، وإبراز حقيقة واضحة وهي: أن البشرية لا مخلص لها مما تعيشه من اضطهاد بعضها لبعض، وتسلط ذوي السلطان والتفاوت الطبقي والجور في توزيع الثروات، لا مخلص لها من ذلك كله إلا بالدخول تحت ظل راية الدولة الإسلامية المنشودة.
لا شك أن عرضا موجزاً لحال البشرية في الزمن الذي كانت فيه راية الخلافة الراشدة ترفرف فوق الرؤوس كفيل بإثبات هذه الحقيقة إثباتاً لا يجادل فيه إلا مكابر. فإذا قام كل أحد بما يستطيع القيام به من هذه المسؤولية بصدق وإخلاص لله تعالى وجد واجتهاد ومثابرة، مع جمع الكلمة ولمَّ الشمل والتنسيق في العمل حتى تتكوَّن بإذن الله تعالى قاعدة عريضة مقتنعة بهذا التوجه تكون راسخة القدم، واعية لما تقول وتفعل، ومتحلية بالحكمة والانضباط. فتفرض ـ بعون الله تعالى ـ ما تريده بطريقة أو بأخرى.
نسأل الله تعالى أن يَرُدَّ هذه الأمة إلى دينها ردَّاً جميلاً وأن يعيد لها عزها وكرامتها ومجدها في ظل دولتها الراشدة.
وأن يهيئ لها أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ويقام فيه العدل.
والله أعلم.