تفسير: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ

3-7-2013 | إسلام ويب

السؤال:
أسمع كثيرا آية: " من يضلل الله فما له من هاد " وأنا قد أبتعد عن الله، فأخاف أن تكون رسائل من الله أنه لن يهديني.
ماذا أفعل أم هذه وساوس من الشيطان حتى يجعلني لا أرجع إلى الله؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنقول للسائلة: إن الآية المذكورة وأمثالها إنما تدل على أن من قدر الله إضلاله، فلن يستطيع أحد من الخلق أن يجعله مهتديا.

قال ابن كثير في تقسيرها: أي: من أضله الله فلا هادي له غيره .اهـ.

فهي كقوله تعالى: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا {المائدة:41}.

 ثم نقول أيضا للسائلة: إنك لم تطلعي على الغيب لتعلمي أن الله كتبك مع من حقت عليهم الضلالة؛ فإن قدر الله سبحانه سر مكتوم، والآية المذكورة لا تدل على أن من ضل فلن يهتدي بعد ضلاله، وليس بلازم لمن ضل أثناء حياته أن يختم الله له بذلك، والعكس بالعكس، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، أو أربعين ليلة، ثم يكون علقة مثله، ثم يكون مضغة مثله، ثم يبعث إليه الملك فيؤذن بأربع كلمات: فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد. ثم ينفخ فيه الروح؛ فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة، فيدخلها.

ثم إنا ننصحك بالاستعانة بالله، والمبادرة بسلوك طريق التائبين المهتدين، فكل ميسر لما خلق له من هداية أو ضلال، ففي الصحيحين عن علي- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فأخذ شيئا فجعل ينكت به الأرض فقال: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار، ومقعده من الجنة" قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة، فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء، فييسر لعمل أهل الشقاوة" ثم قرأ: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى)...إلى قوله (فسنيسره للعسرى).

وعليك بالإعراض عن وسوسة الشيطان لك بأن الله لن يهديك، ليقنطك من رحمة الله تعالى، فقد نهانا الله عن القنوط من رحمته، ورغبنا في التوبة والمبادرة بها، فقال جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزمر:54}، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ {الزمر:55}.

وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 188067

والله أعلم.

www.islamweb.net