الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحادثة الزوجة على النحو المذكور في يوم الزوجة الأخرى بغير رضاها أمر مناف لمقتضى العدل الذي بموجبه اختصت صاحبة النوبة بوقت زوجها فيها دون الأخرى، ومخل بمقصد المبيت عند الزوجة من السكن والأنس مع ما يسببه من إذكاء غيرة صاحبة النوبة وكسر خاطرها، والظاهر أنها لا تجوز، إذ لا فرق بينها وبين دخول الزوج على زوجته في نوبة الأخرى، وهو أمر منصوص على منعه، جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: وَمُنِعَ ـ أَيْ حَرُمَ عَلَيْهِ ـ دُخُولُهُ ـ أَيْ الزَّوْجِ ـ علَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا بِلَا إذْنِهَا، إلَّا لِحَاجَةٍ، فَيَجُوزُ الدُّخُولُ بِقَدْرِ زَمَنِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِلَا مُكْثٍ بَعْدَ تَمَامِهَا.
فينبغي للزوج أن يراعي مشاعر زوجته التي يقيم معها, ويجتنب ما ينغص عليها, فيتخذ للاتصال بزوجته الغائبة مكانًا غير بيت الحاضرة وزمانا غير نوبتها، أما بالنسبة لمسألة العدل بين الزوجة المسافرة وغيرها من الزوجات من حيث أصل الحكم: فإنه يختلف باختلاف سبب السفر والإذن فيه، فإن كان سفرها بغير إذنه سقط حقها من القسم، وإن بعثها هو لحاجته أو أمرها بالانتقال، لم يسقط حقها، وإن سافرت لحاجتها هي بإذنه، فهو محل خلاف بين الفقهاء، قال ابن قدامة في المقنع: وإن امتنعت من السفر معه, أو من المبيت عنده, أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم، وإن أشخصها هو ـ أي: سفّرها ـ فهي على حقها من ذلك، وإن سافرت لحاجتها بإذنه فعلى وجهين.
وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 52834، أن عدم سقوطه هو الأقرب للعدالة.
وحيث بقي حقها في القسم، وفاتت نوبتها في المبيت، فإنه يجب على الزوج تعويضها عن ذلك لاحقا، إلا إذا أسقطت حقها أو رضيت بالمحادثة عبر الهاتف، أو الإنترنت بديلاً لها عن المبيت، وانظري الفتوى رقم: 190141.
والله أعلم.