الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت في سؤالك أن العقبة دون تركك لتلك البلاد هو ما قد تتعرض له عند المغادرة من طلب كشف وجه الزوجة أو يديها لعمل الإجراءات اللازمة، وهذا يجوز للحاجة، وليس عذرا يبيح لك البقاء في تلك البلاد، كما أن مسألة الرزق والخشية من جر أذيال الخيبة ـ كما تقول عند عودتك دون تحقق ما كنت تطمح إليه ـ لا يبيح لك ما هو محرم، بل إن المرء قد يكره ما فيه خيره، ويحب ويحرص على ما فيه شره، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والرزق لن يأتي للمرء إلا ما كتب له منه، وما قدر له سيأتيه حيث هو، قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود:6}.
وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن روح القدس نفث في روعي إن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. وهو في الحلية لأبي نعيم عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ وعزاه ابن حجر لابن أبي الدنيا، وذكر أن الحاكم صححه من طريق ابن مسعود.
والرشوة محرمة، فعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وفي رواية: والرائش ـ وهو الساعي بينهما.
فلا يجوز بذلها ما لم تلجئ إليها ضرورة كمن لم يستطع الوصول إلى حقه الذي لا بد له منه إلا بالرشوة، فإنها تجوز له في هذه الحالة، ويكون الإثم في ذلك على المرتشي، ولا شيء من ذلك هنا حسبما ذكرته في السؤال.
والله أعلم.