الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأولا: ننبه السائل إلى أن المال المزكى عنه لا يسمى نصابا، وإنما النصاب هو القدر الذي إذا وصل إليه المال وجبت فيه الزكاة، وتحديده يختلف باختلاف أنواع الأموال، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19959.
ثانيا: إن كان والدك قد أخرج الزكاة بالتقويم الميلادي جهلا منه بوجوب إخراجها بالتقويم القمري، فلا إثم عليه ـ إن شاء الله ـ لعموم قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286}.
لكن يجب عليه إخراجها بناء على التقويم القمري للسنوات القادمة، أما إن كان عالما بذلك، فإنه يأثم بتأخير إخراجها عن وقت وجوبها الشرعي، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية: من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم، لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها.
ثالثا: بالنسبة لإخراج الزكاة على أقساط: إن كانت الأقساط معجلة عن وقت وجوب إخراج الزكاة، فلا بأس، أما إن كانت متأخرة عنه، فلا يجوز، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 198237، ورقم: 20324.
ثالثا: يجب إخراج الزكاة في يوم اكتمال الحول، كما سبق في الفتوى رقم: 40803.
وعليه؛ فإذا وجبت الزكاة في أول الشهر، فلا يجوز تأخيرها عنه إلى وسطه أو آخره دون عذر شرعي.
رابعا: لا يلزم إعادة إخراج الزكوات التي أخرجها والدك في السنوات الماضية، بل هي صحيحة مبرئة لذمته ـ إن شاء الله ـ غاية ما هنالك أنه تأخر عن إخراجها عن وقتها الشرعي، وقد سبق الكلام عن حكم تأخيرها.
خامسا: أما عن اختلاف قدر المال المزكى عنه على مدار تلك السنين، وإنكار والدك للزيادة، فهو أدرى بذلك، وهو المسئول عنه أمام ربه، وإذا ثبت وجود فارق بين قدر المال المزكى عنه عند احتساب زكاته بالتقويم الميلادي وبين قدره عند احتسابها بالتقويم القمري، فيجب على والدك إخراج ما يغلب على ظنه أنه يعادل زكاة هذه الفوارق على مدار تلك السنين، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. اهـ.
والواجب الآن تدارك ذلك التأخير بتصحيح الخطأ في الحول والتحقق من أول حول قمري وجبت عليه الزكاة فيه، وذلك بالرجوع إلى التقويم، وتحويل التاريخ حتى يتم تحديد التاريخ الهجري المطلوب إخراج الزكاة فيه، وتراجع الفتوى رقم: 157753.
كما تجب المبادرة بإخراج الزكاة المتأخرة، وإذا تراكم التأخير حتى بلغ اثني عشر شهرا، فيكون إخراج زكاة العام المتأخرة إضافة إلى زكاة العام الحالي، كما ننصحك بالاستمرار في نصح والديك وتذكيرهما بالله سبحانه، وراجع بخصوص نصح الوالدين والإنكار عليها الفتاوى التالية أرقامها: 139535، 141002، 61774، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم