الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون هذه الإفرازات طاهرة، كما قرأت - على الخلاف في ذلك - لا ينفي كونها ناقضة للوضوء؛ لخروجها من أحد السبيلين، والخارج الطاهر كالريح ناقض للطهارة، ولذا عليك إعادة الوضوء وصلاة المغرب والعشاء, وراجعي الفتويين: 5188، 13549. وهذا الكلام محله إذا تيقنت من خروج هذه الإفرازات، أما إذا شككت فلا عبرة بالشك، وليس عليك إعادة الصلاة. قال الحجاوي الحنبلي في الإقناع: ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث, أو تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين, ولو عارضه ظن, ولو في غير صلاة. وراجعي الفتوى: 97304.
ولا بد لك من محاولة علاج الوسوسة، فإنها تفسد على المرء دينه، ودنياه، وأوصيك بأمرين:
1- ملازمة التضرع، والانكسار لله تعالى، ودعاؤه أن يصرف عنك ذلك؛ قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) {سورة الأنبياء}.
2- طلب التداوي، فما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء، كما في صحيح البخاري, وراجعي الفتوى: 188793.
والله أعلم.