الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب مبيت الرجل عند زوجته، فذهب بعضهم إلى عدم وجوبه، وبعضهم إلى وجوبه ليلة من كل أربع ليال.
قال ابن قدامة في المغني: إذا كانت له امرأة لزمه المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال، ما لم يكن عذر.
واختار بعضهم عدم تحديد المدة وتركها للاجتهاد.
قال المرداوي: وقال القاضي، وابن عقيل: يلزمه من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة، ويحصل منه الأنس المقصود بالزوجية بلا توقيت، فيجتهد الحاكم، قلت وهو الصواب. الإنصاف.
وإذا كان مسكن الزوجية موحشا تتضرر المرأة بالمبيت فيه وحدها، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الواجب على الزوج أن يأتي لزوجته بمؤنسة تبيت معها.
جاء في الدر المختار وحاشية ابن عابدين: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِفْتَاءَ بِلُزُومِ الْمُؤْنِسَةِ وَعَدَمِهِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَسَاكِنِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْجِيرَانِ.
وقال البهوتي الحنبلي –رحمه الله-: ويلزمه لزوجته مؤنسة لحاجة كخوف مكانها، وعدو تخاف على نفسها منه؛ لأنه ليس من المعاشرة بالمعروف إقامتها بمكان لا تأمن فيه على نفسها. شرح منتهى الإرادات.
وعلى ذلك فإن كان زوجك يبيت خارج البيت لغير عذر، ويعرضّك بذلك للضرر، فلا حقّ له في ذلك، وليس ذلك من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها الأزواج. وأما إذا كان يخرج من البيت ثم يعود ويبيت معك، فلا حرج عليه، لكن الأولى ألا يغيب عن البيت لغير مصلحة. فعليك نصحه بترك البيتوتة والسهر خارج البيت لغير عذر، ولا سيما إذا كان يقضي وقته في أمور غير جائزة كشرب الشيشة، ولعب الشدة؛ وراجعي في حكمهما الفتويين: 80224 ، 1328
كما نوصيك بإعانة زوجك على الحرص على الاستفادة بوقته فيما ينفعه في دينه ودنياه، وتشجيعه على حضور مجالس العلم ومصاحبة الصالحين، مع الحرص على حسن التبعّل له والقيام بحقوقه، فذلك مما يعين على قبوله للنصح.
والله أعلم.