الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول أولا: إن الموقع ليس معنيا بالردود على مقالات الآخرين، ولا بتصحيح استنباطاتهم وآرائهم.
وثانيا سؤالك لم يكتمل، ولعل المقصود من إيراد هذا الكلام الذي سألت عن صحته هو المنع من السجود على البسط، والزرابي و(الموكيت) ونحوها. فإن كان هذا هو المقصود فلا يوجد في الآية ما يدل على المنع من السجود إلا على التراب، فإن غاية الكلام المنقول في السؤال لو صح لكان فيه دليل على استحباب السجود على التراب فقط، وليس فيه المنع من السجود على غيره.
قال ابن تيمية- رحمه الله- في مجموع الفتاوى: وفي الصحيحين عن أبي سلمة عن عائشة قالت: " {كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح} وعن عروة عن عائشة: " {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي معترضة فيما بينه وبين القبلة على فراش أهله اعتراض الجنازة} وفي لفظ عن عراك عن عروة " {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة على الفراش الذي ينامان عليه} . وهذه الألفاظ كلها للبخاري استدلوا بها في باب الصلاة على الفرش، وذكر اللفظ الأخير مرسلا؛ لأنه في معنى التفسير للمسند أن عروة إنما سمع من عائشة وهو أعلم بما سمع منها. ولا نزاع بين أهل العلم في جواز الصلاة والسجود على المفارش إذا كانت من جنس الأرض كالخمرة، والحصير ونحوه وإنما تنازعوا في كراهة ذلك على ما ليس من جنس الأرض: كالأنطاع المبسوطة من جلود الأنعام، وكالبسط والزرابي المصبوغة من الصوف، وأكثر أهل العلم يرخصون في ذلك أيضا، وهو مذهب أهل الحديث كالشافعي، وأحمد. ومذهب أهل الكوفة كأبي حنيفة وغيرهم. وقد استدلوا على جواز ذلك أيضا بحديث عائشة، فإن الفراش لم يكن من جنس الأرض وإنما كان من أديم أو صوف. وعن المغيرة بن شعبة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير، وعلى الفروة المدبوغة. رواه أحمد، وأبو داود من حديث أبي عون محمد بن عبيد الله بن سعيد الثقفي عن أبيه عن المغيرة. قال أبو حاتم الرازي: عبيد الله بن سعيد مجهول. وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على بساط. رواه أحمد، وابن ماجه. وفي تاريخ البخاري عن أبي الدرداء قال: ما أبالي لو صليت على خمرة . وإذا ثبت جواز الصلاة على ما يفرش - بالسنة والإجماع - علم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعهم أن يتخذوا شيئا يسجدون عليه يتقون به الحر؛ ولكن طلبوا منه تأخير الصلاة زيادة على ما كان يؤخرها، فلم يجبهم، وكان منهم من يتقي الحر إما بشيء منفصل عنه وإما بما يتصل به من طرف ثوبه. انتهى.
وقال ابن قدامة- رحمه الله- في المغني: ولا بأس بالصلاة على الحصير، والبسط من الصوف، والشعر والوبر، والثياب من القطن والكتان وسائر الطاهرات، وصلى عمر على عبقري، وابن عباس على طنفسة، وزيد بن ثابت، وجابر على حصير، وعلي، وابن عباس، وابن مسعود، وأنس على المنسوج، وهو قول عوام أهل العلم. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 74788، 197577.
والله أعلم.