الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تخصيص بعض الأبناء بالهبة أو العطية دون بعض محرم على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم:
6242.
ويجب على الأب في حال حياته أن يرجع في هبته ولو قبضها الموهوب له، لكن بشروط أربعة:
أولاً: أن تكون الهبة ما زالت في ملك الابن، فإن خرجت من ملكه ببيع أو إرث أو غير ذلك لم يكن له الرجوع.
ثانياً: أن تكون الهبة باقية في تصرف الولد، فإن كانت مرهونة مثلاً لم يكن له الرجوع، فإن زال المانع من التصرف فله الرجوع.
ثالثاً: أن لا يتعلق بها حق لغير الولد، فإن كان الناس رغبوا في معاملة الولد لأجل الهبة بحيث أدانوه ديوناً أو زوجوه إن كان ذكراً أو تزوجت إن كانت أنثى، لذلك فليس له الرجوع.
رابعاً: أن لا تزيد الهبة زيادة متصلة كالسمن والكبر ونحو ذلك، فإن زادت فليس له الرجوع.
فإذا لم يتمكن الأب من استرجاع الهبة لوجود أحد الموانع المذكورة سابقاً وجب عليه إن كان له مال أن يعطي من لم يعطه من أولاده كما أعطى إخوانه.
لكن يراعى في التسوية بين الأولاد في العطية أن تكون كحظ كل منهم في الميراث.
فإن كان الرجل قد توفي بعد أن وهب بعض أبنائه، فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الأولاد المفضلين أن يرجعوا ما فضلوا به ويقتسموه مع بقية إخوانهم قسمة الميراث الشرعية.
قال شيخ الإسلام
ابن تيمية :
ولا يجوز للولد الذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يرد ذلك في حياة الظالم الجائر وبعد موته، كما يرد في حياته في أصح قولي العلماء. وأما قطعة الأرض التي أرادها الرجل لمسجد، فإن كان أوقفها في حياته أو أوصى بذلك قبل موته، فإن الوقف ينفذ على شرطه، ولا يجوز لأبنائه أو لأحد مخالفة ذلك، وإن كان يوجد مسجد قريب من الأرض التي خصصها لبناء مسجد فإن لم تكن هناك حاجة إلى بناء مسجد في ذلك المكان بيعت واشتري بها أرض لبناء مسجد في مكان يحتاجه الناس.
أما إذا كان ما حصل من الأب هو مجرد أنه كان ينوي ذلك ولم يوقفها أو يوصي بها، فإن الأرض ما زالت في ملكه وإن مات أصبحت من حق ورثته، وإن كان الأولى لهم أن يصرفوها حيث كان يرغب أبوهم أن تصرف، براً به وإحساناً إليه بشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
والله أعلم.