الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجتك لم تتزوج غيرك بعد أن طلقتها ـ كما هو الظاهر من سؤالك ـ فإنك إذا تزوجتها بعقد جديد رجعت إليك على ما بقي من طلاقها بمعنى أنك إذا كنت طلقتها طلقتين فإنها ترجع إليك على طلقة واحدة، قال ابن قدامة رحمه الله:.. وَالثَّانِي: أَنْ يُطَلِّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَعُودَ إلَيْهِ بِرَجْعَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ جَدِيدٍ قَبْلَ زَوْجٍ ثَانٍ، فَهَذِهِ تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه. اهـ
وأما إن كانت تزوجت غيرك فتزوجتها بعد فراقه وانقضاء عدتها منه، فقد اختلف أهل العلم في ذلك، وأكثرهم على أنها ترجع على ما بقي من طلاقها، قال ابن قدامة رحمه الله: وَالثَّالِثُ: طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ فَقَضَتْ عِدَّتَهَا ثُمَّ نَكَحَتْ غَيْرَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكَابِرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيٍّ وَمُعَاذٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُبَيْدَةُ وَالْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَشُرَيْحٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. اهـ
وإن كنت حلفت بالله أو حلفت بالقرآن على عدم إرجاعها، فإن عليك إذا أرجعتها كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، وراجع الفتوى رقم: 2022.
أما بخصوص قولك: إن أنا أعدت هذه المرأة إلى عصمتي فأحرمني رائحة الجنة ـ فعليك التوبة إلى الله من هذا القول وألا تعود لمثله، لكن هذا ليس له حكم اليمين فلا تلزمك به كفارة، ففي الفتاوى الهندية: لَوْ قَالَ: عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، إنْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ قَالَ: عَلَيْهِ عَذَابُ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: أَمَانَةُ اللَّهِ إنْ فَعَلَ كَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ، أَوْ سَخَطُ اللَّهِ فَلَيْسَ بِحَالِفٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. اهـ
وفي منح الجليل شرح مختصر خليل:إنْ قَالَ هُوَ...... يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيٌّ، أَوْ مُرْتَدٌّ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، أَوْ سَارِقٌ، أَوْ زَانٍ أَوْ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ، وَلَعْنَةُ اللَّهِ إنْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ ثُمَّ حَنِثَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ. اهـ
والله أعلم.