الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحانه لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا ريب في كون الزواج كغيره مما يجري على العباد في الدنيا من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ولكن الإيمان بالقدر لا يعني أن يترك العبد الأسباب المشروعة التي يقدر عليها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 147493.
فلا تيأسي وخذي بالأسباب المشروعة كالدعاء مع حسن الظن بالله وعدم تعجل النتيجة، واعلمي أنه لا حرج على المرأة في عرض نفسها على رجل صالح ليتزوجها، وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم:108281.
وثقي أن أقدار الله عز وجل، يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، فلا تجزعي لتأخر زواجك، وثقي بأن الله قد يصرف عنك شيئا ترغبين فيه ويدخر لك خيرا منه.
قال ابن القيم في الفوائد: والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا.
والله أعلم.