الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فاعلم ابتداء أن الزكاة لا تجب في النقود عمومًا إلا إذا توافر فيها شرطان:
أولهما:أن تبلغ قيمتها ما يساوي نصاب الذهب، وهو 85 جرامًا، أو نصاب الفضة وهو 595 جرامًا.
ثانيهما أن يحول الحول بالأشهر القمرية على ذلك النصاب, فمن ملك نِصابًا، وحال عليه الحول، فقد وجبت الزكاة في نقوده، ومقدارها ربع العشر - 2.5 % - سواء كانت النقود عنده أم أقرضها لآخرين.
وإذا لم تبلغ النصاب فلا زكاة فيها، سواء كانت عنده أم أقرضها للآخرين, وإذا بلغت النصاب ولم يحل عليها الحول فلا زكاة فيها أيضًا سواء كانت عنده أم أقرضها للآخرين.
وعلى هذا, فإن المال الذي أقرضته لأصدقائك تجب عليك زكاته مدة بقائه عندهم قبل أن يردوه إليك، إذا كان ذلك المال قد بلغ النصاب بنفسه, أو مع ما عندك من نقود أخرى، وحال على الجميع الحول.
ومن المعلوم أن زكاة القرض تكون على المقرض؛ لأنه مالكه, فتخرج زكاة ذلك المال عندما تزكي المال الذي عندك، فتضم إليه ما أقرضته للآخرين، وتخرج من الكل ربع العشر - 2.5 % -.
لكن إذا كان الشخص المقترض عاجزًا عن سداد القرض الذي لك عليه، أو كان مماطلًا، فإنك تزكي ذلك المال - في قول بعض الفقهاء - عند قبضك له عن سنة واحدة, وقال آخرون: تزكيه عن كل السنين الماضية التي كان فيها المال عند ذلك الشخص، وهذا هو القول المفتى به عندنا؛ وانظر الفتوى رقم: 177229 عن حكم وكيفية زكاة الدين إن كان على معسر.
وما دفعته لهم مضاربة تجب عليك أيضًا زكاة الربح مع أصله عند حولان الحول على أصل المال، فالعائد الذي ربحته من ذلك المال تزكيه مع أصله؛ وانظر الفتوى رقم: 171151, لكن إن كنت دفعته على أنه قرض وليس مضاربة، وقام المقترض باستثماره، فإنه لا يجوز لك أخذ الربح؛ لأنك مقرض ولست مضاربًا, والقرض يُسترد بدون زيادة, وإلا كان ربا.
وفي خصوص قولك: ما هو حكم إقراض الآخرين المال؟ فجوابه أن القرض إذا كان لا يراد منه منفعة للمقرِض، فهو فعل حسن يثاب فاعله إن فعله تقربًا إلى الله.
وأما إن كان بقصد المنفعة، فإن ذلك من الربا الذي ورد فيه من الوعيد ما لم يرد في غيره من الآثام، والواجب الابتعاد عنه.
ويجوز استثمار الأموال في السوق للتجارة إذا كان مجال الاستثمار مباحًا؛ وانظر الفتوى رقم: 18410عن التجارة...أهميتها وفضلها...محاذيرها.
والله أعلم.