الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جهر في السرية صحت صلاته، وكان تاركًا للأولى، وراجع الفتوى رقم: 9293.
وعليه، فيُشرع نصحه استحبابًا، ولا يجب؛ لأنه لم يرتكب مٌحرًما، جاء في مغني المحتاج: قَالَ الْإِمَامُ الجويني: مُعْظَمُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ فِي الْمُسْتَحَبِّ مُسْتَحَبٌّ.
ولكن إن شوش على المصلين، وجب نهيه عن هذا المنكر، سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا يَقُولُ سَيِّدُنَا: فِيمَنْ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ السُّنَّةَ أَوْ التَّحِيَّةَ فَيَحْصُلُ لَهُمْ بِقِرَاءَتِهِ جَهْرًا أَذًى، فَهَلْ يُكْرَهُ جَهْرُ هَذَا بِالْقِرَاءَةِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ غَيْرُهُ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُؤْذِيهِمْ بِجَهْرِهِ, بَلْ قَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فِي رَمَضَانَ وَيَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ, كُلُّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ.
وَأَجَابَ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ يُؤْذِي غَيْرَهُ - كَالْمُصَلِّينَ - وقال: وَمَنْ فَعَلَ مَا يُشَوِّشُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ، أَوْ فَعَلَ مَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ، مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قال البهوتي في كشاف القناع: وَيُمْنَعُ فِيهِ إيذَاءُ الْمُصَلِّينَ وَغَيْرِهِمْ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ؛ لِحَدِيثِ: مَا أَنْصَفَ الْقَارِئُ الْمُصَلِّيَ ـ وَحَدِيثِ: أَلَا كُلُّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ.
وقال العثيمين: ... ففي هذين الحديثين النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة حيث يكون فيه التشويش على الآخرين, وأن في هذا أذية ينهى عنها.
والله أعلم.