الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيل داء الوسوسة من صدرك، فإنه من عمل الشيطان الذي أمرنا الله بالتعوذ منه، كما في سورة الناس, ولمعرفة طرق التغلب عليه يمكنك الاستفادة من الفتوى رقم: 51601.
وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 127128، الحكم الشرعي لمن حالها كحالك، وقد جاء فيها ما نصه: إن كان الأمر مجرد شك فأعرضي عنه, ولا تلتفتي إليه، والظاهر أن هذه الإفرازات التي ترينها هي المعروفة عند العلماء برطوبات الفرج، وليست بالمني الموجب للغسل، وهذه الإفرازات طاهرة, لكنها ناقضة للوضوء، وإذا كان نزولها مستمرًا بحيث لا يتوقف وقتًا يتسع لفعل الطهارة والصلاة، فالواجب أن تتوضأ المرأة لكل صلاة، وحكمها حكم المستحاضة وصاحب السلس, وإذا كانت تنقطع خلال وقت الصلاة ما يتسع للطهارة والصلاة، فانتظري انقطاعها وتطهري وصلي. اهـ.
أما إن تأكدتِ من كون الخارج منيًّا، فلا يجب عليك الغسل إلا إذا صاحبته شهوة، أو سببَتْه، عند جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة، ثم إن كان الدائم منيًّا لم يلزمك الغسل عند الجمهور، لكن ينبغي عليكِ الوضوء لكل وقتٍ بنية استباحة الصلاة، فتصلين به فريضته وما شئت من النوافل، ثم إذا دخل وقت الفريضة الأخرى وجب وضوء جديد، وهكذا، قال صاحب كشاف القناع الحنبلي: تنبيه: محل وجوب الغسل بخروج المني إذا لم يصر سلسًا,، قاله القاضي وغيره، فيجب الوضوء فقط لكن قال في المغني والشرح: يمكن منع كون هذا منيًّا؛ لأن الشارع وصفه بصفة غير موجودة فيه، وتقدم أن الغسل كالوضوء سبب وجوبه الحدث، قال: وسواءٌ انتقضت طهارته بخروج الوقت، أو طروء حدث آخر.
وقال: ولا يصح وضوؤها لفرض كظهر، أو عصر، أو جمعة قبل دخول وقته؛ لأنها طهارةُ ضرورةٍ فتقيدت بالوقت كالتيمم.
ثم إنه ما كان ينبغي منك أن تتركي كل تلك الصلوات، فأكثري من التوبة والاستغفار من هذا الفعل، فإن الصلاة عمود الدين.
وعليكِ عند جمهور أهل العلم قضاء ما كان منها في غير الحيض، وأنت معذورة ـ إن شاء الله ـ بجهلك بالحكم في مثل حالتك, لكن هذا العذر لا يسقط القضاء عند الجمهور، ويسقط القضاء بالجهل عند بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى مذهبه لا قضاء عليكِ.
والله أعلم.