الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي المسلم عن الدخول إلى مواطن العذاب والمرور بها؛ إلا أن يكون المار باكياً خاشعاً.
فقد روى
البخاري ومسلم عن
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم. وكان هذا النهي منه صلى الله عليه وسلم لما مر مع أصحابه بالحجر ديار ثمود في حال توجههم إلى تبوك.
وقد ثبت أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإلقاء العجين وإهراق الماء الذي استقوه من تلك الأرض؛ إلا ما استقوه من بئر الناقة. كما هو مبين في الفتوى رقم:
7761.
قال شيخ الإسلام
ابن تيمية: فنهى عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب. فإذا أراد الإنسان الدخول أو المرور بديار العذاب فليكن على حالة من الخوف والبكاء عند دخوله وأثناء تواجده فيها، وإلا فلا يدخل.
قال
الحافظ ابن حجر: قوله: إلا أن تكونوا باكين ليس المراد الاقتصار في ذلك على ابتداء الدخول بل دائماً عند كل جزء من الدخول، وأما الاستقرار فالكيفية المذكورة مطلوبة فيه بالأولوية... ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار، فكأنه امرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وأمهالهم مدة طويلة، ثم إيقاع نقمة بهم وشدة عذابه، وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك.
والتفكر وأيضاً في مقابلة أولئك نعمة الله بالكفر وإهمالهم إعمال عقولهم فيما يوجب الإيمان به والطاعة له، فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتباراً بأحوالهم فقد شابههم في الإهمال، ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه، فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل مثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم. انتهى
لكن هل البحر الميت ومواطنه هو من مواطن العذاب حتى يشمله الحكم؟ انظر في ذلك الفتوى رقم:
8646.
والله أعلم.