الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا علمت أو غلب على ظنك أن هذه البرامج يستعان بها على ظلم البريء وإيذاء الصالح، لم يجز لك تنزيلها، أو عمل النسخ الاحتياطي لها؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وأما إذا لم يحصل بذلك جزم أو غلبة ظن، بل مجرد شك في استخدامها في الظلم، فلا يحرم العمل، ولكن لو تركه الإنسان تورعا كان خيرا، فقد سأل وابصة النبي صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: ..... استفت نفسك، استفت قلبك يا وابصة، ثلاثاً، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. أخرجه الدارمي وأحمد عن وابصة.
فالورع هو ترك ما لا بأس به حذراً مما به البأس، وأصله قوله صلى الله عليه وسلم: من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. رواه مسلم. وقال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه النسائي وغيره.
وأما ما اكتسبته من ذلك العمل مع عدم جزمك بالحرمة، أو عدم علمك بها، فلا حرج عليك في الانتفاع به .
ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ونسأل الله أن يوسع عليك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه فقد قال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}. ورزق العبد مضمون لن يفوته منه شيء، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، وثبت في الحديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم وصححه الألباني في الجامع.
والله أعلم.