الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نستطيع الجزم بأن الطبيب قد مد لك الإجازة بسبب مبالغتك في وصف حالتك، وإنما قد يكون بسبب اطلاعه على ملفك الطبي ومرضك القديم، ورغبته في الاحتياط لك دون كبير التفات منه إلى مبالغتك, وهذا هو المتبادر.
وعموما، فإن كنت قد تعمدت المبالغة لأجل ذلك، فهذا من التحايل والغش. وقال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
أما إن كانت مبالغتك قد حدثت منك عفوا تحت ظرف نفسي سيئ، ولم تتعمدها، فنرجو ألا يكون عليك إثم إن شاء الله؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وحسنه النووي.
وقال الله جل وعلا: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا .[البقرة:286].
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال:قد فعلت. رواه مسلم عن سعيد بن جبير .
وعلى كلا التقديرين فإن تحققت أن الطبيب قد مد لك الإجازة بسبب مبالغتك، وأنك لا تستحقها لولا مبالغتك على خلاف الواقع، فعليك أن ترد إلى الشركة دخلك منها عن تلك الفترة الزائدة من الإجازة؛ حيث تبين لك أنها ليست من حقك، ويكفي رد المال تحت أي مسمى ولو بطريق غير مباشر دون إعلام الشركة بحقيقة الأمر. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي.
وأما بخصوص التعويض عن ساعات العمل الإضافية، فإن كانت تلك الشركة لا تخضع للقانون المذكور وإنما ينظم العمل بها طبقا للوائحها الخاصة بها، فلا يصح الاعتماد على ذلك القانون في إثبات حقكم. أما إن كانت الشركة تخضع لذلك القانون، وثبت أن الشركة تماطلكم في حقكم، ولم تستطيعوا الحصول عليه بالطرق المعتادة، فحينئذ يحق لك أن تأخذه بطريق الظفر، ومن ذلك احتساب دخلك عن مدة الإجازة الزائدة من حقكم الذي تماطلكم فيه الشركة. وقد سبق في الفتوى رقم: 28871 بيان مذاهب العلماء في مسألة الطفر.
والله أعلم.