الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ هذا الرجل خطأ عظيما، وهو الآن باق على إحرامه؛ إذ السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان العمرة لا تتم العمرة إلا به، في قول الجمهور. وعليه والحال هذه أن يتوجه إلى مكة فيتم عمرته، ثم يحلق أو يقصر. وعليه أن يمسك فورا عن جميع محظورات الإحرام حتى يتم نسكه. فإن عجز عن إتمام العمرة، فهو في معنى المحصر يتحلل بذبح هدي، فإن لم يجد صام عشرة أيام. وهذا كما قلنا على قول الجمهور الذاهبين إلى أن السعي ركن، وهو المفتى به عندنا. وعلى هذا القول فما ارتكبه هذا الشخص من محظورات الإحرام فلا فدية فيه إن كان جاهلا، إلا ما كان من قبيل الإتلاف كقص الشعر، والأظفار، ففيه الفدية. وأما إن كان عالما بأنه لم يزل محرما، وأن عليه الإمساك عن جميع المحظورات، فعليه لكل جنس من أجناس تلك المحظورات فدية، وتبطل العمرة بمعاشرة زوجته، إن كان عالما بالحكم. فعليه أن يمضي في فاسدها، فإذا أتمها خرج إلى الحل فأحرم بعمرة ثانية، ثم دخل مكة فطاف وسعى، وعليه أن يهدي هديا لما أفسد من عمرته بالجماع.
قال في كشاف القناع: و (العمرة في ذلك كالحج) لأنها أحد النسكين فـ (يفسدها الوطء قبل الفراغ من السعي) كالحج قبل التحلل الأول و (لا) يفسدها الوطء (بعده) أي: بعد الفراغ من السعي (وقبل حلق) كالوطء في الحج بعد التحلل الأول. (ويجب المضي في فاسدها) أي: العمرة (ويجب القضاء) فورا كالحج (والدم وهو شاة) لنقص العمرة عن الحج. (لكن إن كان) المفسد لعمرته (مكيا أو حصل بها) أي: بمكة (مجاورا أحرم للقضاء من الحل سواء كان قد أحرم بها) أي: بالعمرة التي أفسدها (منه أو من الحرم) ؛ لأن الحل هو ميقاتها. انتهى.
ومن العلماء من يرى أن السعي واجب يجبر تركه بدم، ومن ثم فيجب على هذا الرجل على هذا القول دم يذبح في مكة، ويوزع على فقراء الحرم. فإن عجز صام عشرة أيام، وهذا الذي أجملناه هنا تجده مبسوطا مبينا بكلام أهل العلم في الفتوى رقم: 127496 فانظرها.
والله أعلم.