الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، وأن يشرح صدرك، ويقيك شر نفسك. ثم إننا ننصحك بمراجعة طبيب متخصص في ما تشكو منه، كما يمكنك أن تستفيد من كتاب: (الوسواس القهري) للدكتور محمد شريف سالم. وأما بالنسبة لسؤاليك:
فجواب الأول: أن إحياء الموتى، وإنزال المطر، والعلم الغيب، بصورته المطلقة لا يمكن أن تكون لغير الله، فأما ما أعطاه الله لبعض عباده من علوم الغيب فهو أمر نسبي محدود، وانظر في حال الخضر الذي قال الله في حقه: {عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]. فلما خرج معه موسى في قصتهما المشهورة، فكان في آخرها أن وقع عصفور على حرف السفينة، ثم نقر في البحر، فقال الخضر لموسى: ما نقص علمي، وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر. متفق عليه.
وأما إحياء الدجال للموتى فليس بواقع، وإنما يسلط على قتل رجل بعينه، ثم يحييه في ما يبدو للناس، وأما إنزال المطر وغير ذلك من الفتن التي يأتي بها الدجال، فهذا امتحان من الله لعباده، ولهذا كانت فتنة الدجال أعظم فتنة على وجه الأرض. قال ابن الجوزي في (كشف المشكل من حديث الصحيحين) عند حديث: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكثر من الدجال. قال: فيه وجهان: أحدهما: عظم خلقه ... والثاني: عظم فتنته، فإنه يقتل شخصا ثم يحييه، ومعه مثال جنة ونار، ويأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس، إلى غير ذلك من الفتن. اهـ. وقال الشيخ ابن عثيمين في (شرح رياض الصالحين): ليس بقدرته وقوته بل بإرادة الله عز وجل، لكن الله مكن له ابتلاء وامتحانا. اهـ.
ثم إن ذلك في حق الدجال إنما هو في وقت محدود لا بقاء له، حيث يظهر الله عجزه سريعا، وفي نهاية أمره يقتله المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام. وقد نقل النووي وابن حجر عن القاضي عياض أنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وإذا تقرر ذلك، فلا يصح أن يقال: (كيف يعطي رب العالمين صفاته إلى خلقه ؟!) فليس هذا من صفات الله تعالى، بل هو بعض مقدوراته، وليس ذلك على إطلاقه، بل مقيد محدود.
وأما السؤال الثاني عن: (زعيم شيوعي عندما ولد ظهرت في السماء نجمة، وقوس قزح، ويزعمون أنه هو الإله) !! فهذا الهراء لا يناسب أولُه آخرَه؛ فإن الشيوعية فكرة إلحادية لا تعترف بوجود إله أصلا ! وعلى أية حال فهذا الزعم لا يمكن إثباته، ولو افترضنا وجوده فإنه لا يدل على شرف هذا الزعيم فضلا عن رفعه عن مقام البشر. وقد حدث ما هو أعظم من ظهور نجم وقوس قوح في السماء، حيث كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.