الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع قد جاء بالتحذير الشديد من الإتيان إلى العرافين والكهان وأضرابهم، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
وفي الحديث الآخر: من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه فيما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. أخرجه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما ـ وقال الحافظ العراقي في أماليه: حديث صحيح، وقال الذهبي: إسناده قوي.
قال الخطابي: والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار، والعراف هو الذي يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما من الأمور. اهـ.
فيحرم على المسلم الاستعانة بالمشعوذين في استخراج الكنوز، لأن ما يقومون به لا يتم لهم إلا بالشرك بالله غالبا، وقد يفضي ذلك إلى تصديقهم فيما يدعونه من علم الغيب، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: هناك من يحضر الجن بطلاسم يقولها ويجعلهم يخرجون له كنوزا مدفونة في أرض القرية منذ زمن بعيد، فما حكم هذا العمل؟ فأجاب: هذا العمل ليس بجائز، فإن هذه الطلاسم التي يحضرون بها الجن ويستخدمونهم بها لا تخلو من شرك في الغالب، والشرك أمره خطير، قال الله تعالى: إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ـ والذي يذهب إليهم يغريهم ويغرهم يغريهم بأنفسهم وأنهم على حق، ويغرهم بما يعطيهم من الأموال، فالواجب مقاطعة هؤلاء، وأن يدع الإنسان الذهاب إليهم، وأن يحذر إخوانه المسلمين من الذهاب إليهم، والغالب في أمثال هؤلاء أنهم يحتالون على الناس ويبتزون أموالهم بغير حق ويقولون القول تخرصا، ثم إن وافق القدر أخذوا ينشرونه بين الناس، ويقولون: نحن قلنا وصار كذا، ونحن قلنا وصار كذا، وإن لم يوافق ادعوا دعاوى باطلة، أنها هي التي منعت هذا الشيء. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 114881.
لكن استخراج الكنز بالاستعانة بالمشعوذين لا يلزم منه تحريم الكنز على واجده من هذه الحيثية، وذلك لأن الجهة منفكة بين النهي عن إتيان العرافين، وبين ملكية كنز الجاهلية لواجده.
وعليه؛ فلا حرج عليك في استيفاء الدين أو قبول الهدية من الكنز المستخرج عن طريق المشعوذين.
والله أعلم.