الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وسلم أما بعد:
فقد ذهب الإمام أحمد ومن وافقه وعامة أصحاب الحديث إلى نقض الوضوء بأكل لحوم الإبل، خلافاً للأئمة الثلاثة -أبي حنيفة، ومالك، والشافعي.
وحجة الإمام أحمد في ذلك ما رواه الإمام مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم".
وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الإبل؟ فقال: توضؤوا منها، وسئل عن لحوم الغنم فقال: لا توضؤوا منها. وعن أسيد بن حضير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضؤوا من لحوم الإبل ولا توضؤوا من لحوم الغنم. رواه أحمد.
قال الإمام النووي رحمه الله: (احتج أصحابنا بأنباء ضعيفة في مقابل هذين الحديثين - يعني حديث جابر والبراء في صحيح مسلم - وكأن الحديثين لم يصحا عند الإمام الشافعي، ولذا قال: إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به. والصحيح في ذلك ما ذهب إليه الإمام أحمد وعامة أصحاب الحديث.
قال ابن خزيمة: لم نر خلافاً بين علماء الحديث) (أي في القول بوجوب الوضوء من أكل لحم الإبل للأحاديث المتقدمة).
وقال النووي رحمه الله في المجموع: الجديد المشهور: لا ينقض، وهو الصحيح عند الأصحاب. والقديم: أنه ينقض، وهو ضعيف عند الأصحاب، لكنه هو القوي أو الصحيح من حيث الدليل، وهو الذي أعتقد رجحانه، وقد أشار البيهقي إلى ترجيحه واختياره والذب عنه. انتهى.
والله أعلم.