الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا قد ذكرنا طرفًا صالحًا من كلام أهل العلم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 120708، وذكرنا فيها كلام الشافعي المذكور, والذي هو واضح الدلالة في صحة الصلاة في الثياب الضيقة إذا كانت ساترة لجميع العورة, مع الكراهة في حق الرجل, وأن هذه الكراهة أشد في حق المرأة، وإنما ذهب إلى إبطال الصلاة في الثياب الضيقة في حق الرجال والنساء بعض العلماء المعاصرين، ولا نعلم قائلًا بهذا من الأئمة المشهورين, والعلماء المتقدمين إلا ما نقل عن أشهب من أن من صلى في السراويل يعيد في الوقت، حكاه الحافظ في الفتح، والمعتمد عند المالكية الكراهة, كما قال خليل في مختصره: وكره محدد.
قال الخرشي: وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي السَّرَاوِيلِ, ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ يَصِفُ, وَالْمِئْزَرُ أَفْضَلُ مِنْهُ. انتهى. وكلام العلماء في هذا كثير جدًّا.
ونحن - بحمد الله - لا نقرر إلا ما ينص عليه أهل العلم, ولا نصدر في فتاوانا عن هوى وتشهٍ.
وأما الحديث الذي ذكرته: فإنما محله حيث اشتبه الأمر, ولم يستبن، ثم إن ترك الصلاة في الثياب الضيقة على كل حال أولى وأعظم أجرًا, وهو ما نرشد إليه, وندل عليه.
وأما إبطال الصلاة: فشديد, لا يمكن القول به بلا برهان، ولسنا نثرب على من يخالفنا, أو يبدو له خلاف ما نرجح إذا اعتمد على الدليل, وكان له سلف من أهل العلم.
والله أعلم.