الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي سؤالك نقص. وأما بالنسبة لقولك: لماذا لا يجوز سفر المرأة بغير محرم؟ فجوابه أن هذا ما جاء به الشرع، وهذا من أولى ما يذكر في جانب الحكمة، وما على المسلم إلا التسليم؛ لأن هذا مقتضى الإيمان، قال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51}.
وقولك: أو بالأصح ما الذي سيفعله الرجل إذا كان معي؟ يظهر جوابه من خلال ما ذكره بعض أهل العلم، وهو يلتمس بعض حكم إيجاب المحرم في السفر.
يقول الشيخ ابن عثيمين في شرحه على صحيح البخاري: الحكمة من وجوب المحرم هو صيانة المرأة وحمايتها والذب عنها، هذا هو الحكمة، إذاً فمنعها من السفر بلا محرم من مصلحتها أو من التضييق عليها؟ من مصلحتها بلا شك. اهـ.
وفي هذا الزمان الذي انتشر فيه الفسق، وتطورت فيه الجريمة، الحاجة إلى المحرم في السفر أشد وآكد، خلافا لما يذكره البعض من توفر الأمن في سفر المرأة بالطائرة، وانتظار محرم آخر لها في محطة القدوم.
وفي هذا يقول الشيخ ابن عثيمين أيضا كما في لقاء الباب المفتوح: حتى في الطائرة لا يجوز لها أن تسافر, نقول: أولاً أن المحرم الذي في البلد الذي طارت منه إذا أوصلها إلى قاعة الانتظار يرجع, وتبقى وحدها مع الرجال, ثم لو فرض أنه أوصلها إلى أن دخلت الطائرة, فالطائرة قد تقلع في وقتها المحدد، وقد تتأخر لخلل فني، أو طقس أو غير ذلك, ثم إذا استقلت طائرة فربما يمنعها مانع من الهبوط في المطار الذي قصدته إما سوء الأحوال الجوية كما يقولون, وإما خلل فني كما لو امتنعت الكفرات من النزول، أو غير ذلك من الأسباب, فتبقى تذهب إلى بلد آخر, ثم على فرض أنها سلمت من هذا ونزلت في المطار الذي تريده, فمحرمها الثاني الذي يستقبلها قد يحضر في الوقت المحدد وقد لا يحضر, فقد ينام وقد يمرض، قد يمنعه السير من ازدحام السيارات, قد تتعطل سيارته ولا يحضر إلى المطار, ثم إذا سلم من هذا وصار كل شيء على ما يرام، فمن الذي يجلس بجانبها في الطائرة؟ قد يجلس بجانبها رجل سفيه سافر, فيغريها ويغرها, كما يقع هذا أحياناً؛ لذلك كانت حكمة الشرع في نهي المرأة أن تسافر على الإطلاق هي الحكمة الصحيحة, وهي التي بها السلامة. اهـ.
والله أعلم.