الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك إنكار هذا المنكر على زملائك، ومناصحتهم، فالرشوة من كبائر الذنوب والآثام، وصاحبها مستحق للعن، فقد لعن الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في الرشوة ثلاثة: الراشي، والمرتشي، والرائش بينهما. كما في الترمذي، وغيره.
والغرض الشرعي في إنكار المنكر هو تغييره، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره. رواه مسلم، فالوسائل ـ من الأقوال، والأفعال، والتروك، والسلوكيات ـ التي تحقق هذا الغرض مشروعة، ولكن لا بد من الحكمة في الإنكار عليهم، ومراعاة ضوابط إنكار المنكر الشرعية، وقد بيناها لك مفصلة في الفتاوى التالية: 184933، 146409، 130218، 76522، 131498.
ومن ذلك: الجمع بين الترغيب بالرزق الحلال تارة، والترهيب من الرزق الحرام أخرى.
ومنها: التدرج في الأساليب، فإذا حصل التغيير بالكلمة، فلا تنتقل إلى الهجر، وإذا حصر التغيير بالهجر في العمل، فلا تهجر خارج العمل، فقد يتعين الهجر وسيلة للإنكار، كما بيناه في الفتوى: 16505، وقد ذكرنا لك طائفة من الوسائل التي يمكنك أن تستعين بها على الإنكار عليهم فانظرها للأهمية في الفتوى: 36372.
ومما يعينك على إنكار هذا المنكر: معرفة وجه الحرمة وأدلتها، فننصحك بالرجوع إلى الفتاوى التالية: 3697، 1713، 49889
وكذلك معرفة طرق مكافحة المرتشين، كما بيناها في الفتوى: 95843.
ومن ذلك: الدعاء الخالص لهم بالتوبة، والهداية، فإن قلوب العباد بين أصعبين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء.
وأخيرًا: إذا خشيت بمخالطتهم أن يزينوا الحرام في عينك، ويصغروا الكبيرة في نفسك، ويضعفوا وازع الله في قلبك، فمفارقتهم ـ مع الإنكار عليهم ـ مطلوبة، فإن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبوداود، وحسنه الألباني.
والله أعلم.