الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك ويزيدك ثباتا، وأن يفتح قلب أبيك للهدى، ونوصيك بالصبر على ما ابتليت به؛ فالصبر أوسع عطاء يعطاه العبد، ولا تيأس من دعوة والديك، فالقلوب بيد الله يصرفها كيف شاء، ومهما بلغ والداك في الإساءة والعصيان فإن ذلك لا يسقط حقهما عليك في الإحسان والصلة، ولعل برك بهما يكون سببا لهدايتهما، ولترفع أكف الضراعة إلى الله أن يشرح صدورهما للهدى.
وأما عن حكم عملك مع أبيك فيقال: إن كان في عملك إعانة مباشرة له على أكل الربا، فلا يجوز لك العمل، فإن من الأمور المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وأما إن كان عملك مع أبيك في مجالات مباحة، وليس فيه إعانة مباشرة له على الربا، فلا حرج عليك فيه، فالتعامل مع آكل الربا ليس بمحرم بإطلاق. قال ابن عثيمين: وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب .اهـ. من تفسير سورة البقرة. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 70264 .
والله أعلم.