الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمع بين الصلاتين بسبب المطر إنما شرع لتحصيل ثواب الجماعة؛ ولذا فقد ذهب كثير من العلماء إلى أن من لا يتأذى بالذهاب إلى المسجد، أو كان يصلي في بيته ولو جماعة، أو في المصلى منفردا، لا يشرع له الترخص بالجمع؛ لعدم وجود المقتضي للجمع. وانظر أقوال العلماء في ذلك في الفتوين: 145087 ، 30105
وحيث إن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها، فلا نعدل عن هذا الأصل إلا بدليل متيقن.
وقد ورد في فتاوى اللجنة الدائمة سؤال يقول: نحن في مدينة الباحة، ويكون الربيع لدينا أمطارا، قد تكون كثيرة وقد تكون قليلة، وفي بعض الأحيان ونحن في مقر العمل وقت صلاة الظهر تأتي أمطار، وإن أماكن الموظفين تبعد عن مقر العمل بمسافات مختلفة تتفاوت من شخص لآخر إلى أن تصل إلى بعد 50 كم تقريبا، ويرغب البعض بأن نصلي في مسجد العمل جمع الظهر والعصر ، وسؤالي: هل لنا أن نجمع في هذه الحالة أم لا ؟ مع العلم بأن البعض يبعد عن المدينة كما أسلفت، وقد يجد في بلدته بعد ذهابه من العمل ودخول وقت صلاة العصر صحوا وقد يجد مطرا، أود من سماحتكم إفتائي في ذلك.
فأجابت اللجنة: لا يجوز لكم الجمع في هذه الحالة؛ لعدم المسوغ، والواجب عليكم صلاة الظهر في وقتها، وصلاة العصر في وقتها؛ لقوله تعالى: { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا }.
ويقول ابن عثيمين رحمه الله: ثم إني أقول لكم يا إخواني: لا تظنوا أن الجمع رخصة عند كل العلماء, حتى الذين يقولون: إنه يجوز، يقولون: تركه أفضل, لكننا نحن نرى أنه إذا وجد السبب ففعله أفضل, وهناك مذهب يمثل ثلاثة أرباع الأمة الإسلامية لما كانت الخلافة في الأتراك وهم على مذهب الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- وهو يرى أنه لا جمع مطلقاً إلا في موضعين: في عرفة ومزدلفة؛ لأجل النسك, وإلا فلا جمع في السفر أو المرض أو المطر ولا غير ذلك, فلا تظن أن المسألة سهلة, المسألة صعبة. فخلاصة الجواب: إذا تحقق العذر فالجمع أفضل, وإذا علمنا أنه لا عذر فالجمع حرام, وإذا شككنا فالجمع حرام؛ لأن الأصل هو وجوب فعل الصلاة في أوقاتها. لقاء الباب المفتوح.
والله أعلم.