الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عجز عن السجود فالواجب عليه أن يومئ به قدر استطاعته، ثم إن كان قادرا على القيام والركوع وجب عليه الإتيان بما قدر عليه، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
قال ابن قدامة: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، سَجَدَ عَلَى بَقِيَّتِهَا، وَقَرَّبَ الْعُضْوَ الْمَرِيضَ مِن الْأَرْضِ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ. انتهى.
فإن صلى قاعدا مع القدرة على القيام في الفريضة لم تصح صلاته، وكونه عاجزا عن السجود ليس عذرا له في الصلاة قاعدا مع القدرة على القيام، بل يجب عليه أن يأتي بالقيام والركوع وما قدر عليه من الأركان، وإنما يسقط عنه ما عجز عن فعله، قال ابن قدامة رحمه الله: وَإِنْ عَجَزَ عَن السُّجُودِ وَحْدَهُ رَكَعَ، وَأَوْمَأَ بِالسُّجُودِ. انتهى.
وإن عجز عن الركوع والسجود أومأ بالركوع وهو قائم وبالسجود وهو قاعد، قال النووي: ولو عجز عن الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ الْقِيَامِ لِعِلَّةٍ بِظَهْرِهِ تَمْنَعُ الِانْحِنَاءَ لَزِمَهُ الْقِيَامُ وَيَأْتِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِحَسْبِ الطَّاقَةِ، فَيَحْنِي صُلْبَهُ قَدْرَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ لَمْ يُطِقْ حَنَى رَقَبَتِهِ وَرَأْسِهِ. انتهى.
والقاعدة الجامعة لهذا كله أن الواجب على العبد أن يفعل ما قدر عليه، وإنما يسقط عنه ما عجز عنه، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
وللحديث المشهور: إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
والواجب مناصحة من يقع في هذا الخطأ، وأن يبين له أن صلاته لا تصح إن ترك القيام أو الركوع مع القدرة عليه، وما ذكرناه هو فيما إذا كانت الصلاة فريضة، وأما لو كانت نافلة فلا حرج على الشخص في فعلها جالسا ولو كان قادرا على القيام من غير مشقة.
والله أعلم.