الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة قائمة على اشتراط عقد معاوضة في عقد معاوضة، فالشركة تشترط عقد السمسرة في عقد البيع، وهذا الشرط محل خلاف بين الفقهاء، ورجح الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- جوازه. قال الشيخ رحمه الله: قوله: «وإن جمع بين بيع وكتابة، أو بيع وصرف، صح في غير الكتابة» هذا الجمع بين العقدين، فإذا جمع بين عقدين، فإن كان بشرط، فالعقد غير صحيح، وإن كان بغير شرط، فالعقد صحيح.
مثال ذلك: قال: بعت عليك بيتي هذا بمائة ألف، بشرط أن تؤجرني بيتك بعشرة آلاف، قال: قبلت، لا مانع عندي، فالعقد غير صحيح لا البيع ولا الإجارة؛ لأنه شرط عقد في عقد فلا يصح، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع» هذا هو المذهب. والصحيح أنه جائز إذا لم يتضمن محذورا شرعيا، والحاجة داعية لذلك فقد يقول: أنا لا أحب أن أبيع عليك بيتي حتى أضمن أنني ساكن في بيت آخر، فيقول: بعت عليك البيت بمائة ألف، بشرط أن تؤجرني بيتك بعشرة آلاف أو بألف، فليس هناك مانع. وأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ولا شرطان في بيع» فالعبارة مطلقة فتحمل على المقيد، وهما الشرطان اللذان يلزم منهما الوقوع في محذور شرعي. انتهى من الشرح الممتع.
ويشترط في جعل السمسرة أن يكون معلوما.
وعليه؛ فإذا كانت الشركة تبيع المحل على شرط أنها المسؤولة عن تأجيره نظير نسبة 20% من قيمة الإيجار، وقيمة الإيجار ( يمكن أن تكون سعرا ثابتا للمتر، أو نسبة من عائد ربح المشغل أيهما أعلى) فهذا اشتراط لعقد السمسرة في عقد البيع، لكن عمولة السمسرة هنا مجهولة.
فإذا أمكنك الاتفاق على مقابلٍ معلوم تأخذه الشركة، كأن تأخذ 20% من قيمة إيجار مبنية على سعر معلوم للمتر، جاز لك الدخول في المعاملة، وإلا فلا يجوز الدخول في هذا العقد الفاسد.
وأما تأجير المحل لمن يريد استخدامه فيما هو محرم، فلا يلحقك إثم إلا إذا أجرته لغرض محرم أو علمت أنه يستأجره لذلك الغرض، فلا يجوز لك تأجيره لمن كان كذلك لئلا تكون معيناً له على إثمه، وانظر تفصيل ذلك في الفتاوى التالية: 133851، 127337، 7812، 8272، 20380.
والله أعلم.
والله أعلم.