الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنا، ويشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد. رواه البخاري، ومسلم.
ولا شك أن ظاهرة العنوسة ينبغي للحكماء في العالم الاهتمام ودراسة الحلول الممكنة لها.
أما عن الأسباب لهذه الكثرة: فكل الاحتمالات واردة.
وأما عن كون الوضع سيدوم أم لا: فما كان ناتجًا عن الحروب قد يتغير أثره بشكل نسبي، ولكن بعض أهل العلم ذكر أن كثرة النساء يحتمل حصوله من غير سبب، بل لكونه علامة لقرب الساعة، واذا كان كذلك فاحتمال استمرارية أثر ذلك الوضع واردة، فقد جاء في تحفة الأحوذي: (ويكثر النساء) قيل: سببه أن الفتن تكثر، فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء.
وقال ابن عبد الملك هو إشارة إلى كثرة الفتوح، فتكثر السبايا، فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات.
قال الحافظ: فيه نظر؛ لأنه صرح بالعلة في حديث أبي موسى الآتي، يعني في الزكاة عند البخاري، فقال: من قلة الرجال وكثرة النساء.
والظاهر أنها علامة محضة، لا بسبب آخر، بل يقدر الله في آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث، وكون كثرة النساء من العلامات مناسب لظهور الجهل، ورفع العلم. انتهى
ولا يلزم من هذا أن لا تتزوج غير واحدة من الخمسين، فإن الرجل قد يتزوج أربعًا، وقد يكبر بعض النسوة فيتجاوزن الخمسين، ويكون عندهن عيال، فيتفرغن لتربيتهم، ويرضين بطلاق الزوج لهن، ثم يتزوج نسوة أخريات؛ وبهذا يمكن للرجل أن يعف كثيرًا من النساء، ويساعدهن على الإنجاب، وتكوين الأسر.
والله أعلم.