الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلعل الخطيب المذكور يعني بقوله: التقصير ـ عدم التطويل في القراءة، وفي أركان الصلاة، فإذا كان يقصد هذا المعنى: فينبغي العلم بأن التقصير إذا كان لا يخل بأصل القراءة، ولا بالطمأنينة، ولا غيرها من أركان الصلاة، فإن الصلاة تصح معه.
وأما إن كان يعني أن العامل له أن يقصر الصلاة، أي يصلي الرباعية ركعتين، وهو مقيم، بسبب العمل، فهذا غير صحيح، وقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تقصر في الحضر، لا بسبب العمل، ولا بسبب المرض، ولا بغيرها من الأعذار, جاء في الموسوعة الفقهية: قَصْرُ الصَّلاَةِ: أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَاطِنَ فِي وَطَنِهِ الأْصْلِيِّ، أَوْ وَطَنِ الإْقَامَةِ، لاَ يَقْصُرُ الصَّلاَةَ؛ لأِنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةُ السَّفَرِ، وَلاَ يَكُونُ الْقَاطِنُ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَطَنَيْنِ مُسَافِرًا... اهـ.
وبالنسبة للجمع بين الظهر والعصر, أو بين المغرب والعشاء للمقيم: فإن لم يوجد حرج في أداء كل صلاة في وقتها فإنه لا يجوز للعامل، ولا لغيره.
وإذا وجد حرجًا ومشقة من أداء الصلوات وقت العمل: فقد جوز بعض الفقهاء للمقيم الجمع بين مشتركتي الوقت عند وجود حرج ـ من غير اتخاذ ذلك عادة ـ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ. رواه مسلم.
وانظر الفتوى رقم: 231307، عن حكم الجمع بين الصلاتين بسبب العمل.
ويجب العلم بأنه لا يجوز للمقيم ـ ولا للمسافر أيضًا ـ أن يجمع بين الصلوات كلها في وقت واحد، كما يفعله بعض المضيعين للصلوات، حيث تجد الواحد منهم لا يصلي إلا في نهاية اليوم عند رجوعه للعمل، فيجمع الصلوات كلها بحجة العمل.
والله أعلم.