الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن بر الوالدين من أفضل الطاعات، وأعظم القربات، ولا سيما الأم حيث جعل لها الشرع ثلاثة أرباع البر؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:" أمك "، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال :"أمك"، قال: ثم من ؟ قال: "أبوك"
وفي المقابل فإن الزواج من أمور الخير التي ينبغي المسارعة إليها؛ لما فيه من المصالح الكثيرة في دين المسلم ودنياه.
قال الحجاوي في زاد المستقنع: وفعله مع الشهوة أفضل من نفل العبادة. اهـ.
قال البهوتي في حاشية الروض المربع معلقا على ذلك: لاشتماله على مصالح كثيرة: كتحصين فرجه، وفرج زوجته, والقيام بها, وتحصيل النسل, وتكثير الأمة, وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم, وغير ذلك. اهـ.
والزواج مندوب إليه، وقد يكون واجبا وذلك في حق من يخشى على نفسه الفتنة.
قال ابن قدامة في المغني: الناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. اهـ. ثم ذكر الأقسام الأخرى.
فإن أمكنك الجمع بين إتمام الزواج، والبر بأمك في الذهاب بها إلى حيث تحب، فافعل، وإن لم يمكنك ذلك، فأقدم على الزواج، خاصة وأنك ذكرت حاجتك إلى الزواج، وأنك في معاناة مع الفتنة وأسبابها، ولعل الله تعالى يفتح لك بالزواج من أبواب الخير ما لا يخطر لك على بال، فتستطيع بعدها أن تحقق لأمك ما منيتها به.
ثم إننا نحسب أن الأمر هين، فلو أنك أخبرت أمك برغبتك في برها، وحاجتك إلى الزواج، فلا نظن أن تقف في طريقك؛ لما جبلت عليه الأم من الشفقة، والحرص على مصلحة أولادها.
والله أعلم.