الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن موقف العامي من الأمر المختلف فيه، الذي لا يعلم أي القولين هو الصواب، هو سؤال من يثق بدينه وعلمه من أهل العلم، ويعمل بفتواه؛ لقول الله تعالى: { ... فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } النحل : 43 .
فإن تضاربت عنده فتاوى من يثق بدينهم وعلمهم، واختلفت عليه الأقوال، فقد قال بعض الفقهاء إنه يأخذ بالأحوط، وبعضهم قال بالأيسر؛ لأن الشريعة مبناها على رفع الحرج، وقيل هو مخير يأخذ بأيها شاء على ما فصلناه في الفتوى رقم: 120640.
وإذا استفتى أهل العلم واستمر الإشكال عنده، وأراد أن يستخير، فلا نرى مانعا من ذلك؛ لأن الاستخارة تكون فيما لا يعرف وجه الصواب فيه.
كما جاء في الموسوعة الفقهية: اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ الأْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِخَارَةَ تَكُونُ فِي الأْمُورِ الَّتِي لاَ يَدْرِي الْعَبْدُ وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهَا، أَمَّا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ خَيْرهُ أَوْ شَرّهُ كَالْعِبَادَاتِ، وَصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ، وَالْمَعَاصِي، وَالْمُنْكَرَاتِ فَلاَ حَاجَةَ إِلَى الاِسْتِخَارَةِ فِيهَا ... اهــ.
والمسائل الشرعية التي لا يدرى وجه الصواب فيها، لا بأس بالاستخارة فيها بعد بذل الجهد والوسع, وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه استخار في مسألة فقهية أشكلت عليه، وهي مسألة الجد والإخوة؛ فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه كتب في أمر الجد والكلالة في كتف، ثم طفق يستخير ربه .... اهــ مختصرا.
وقال الشيخ ابن عثيمين فيما ينبغي لطالب العلم فعله في المسائل المختلف فيها: ويجتهد بقدر ما يستطيع في معرفة الصواب من القولين، ويستخير الله ويمشي عليه. اهــ.
والله أعلم.