الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في جملة من فتاوانا أن الغسل الواحد يكفي، وإن تعددت موجباته، إذا نوى المغتسل ذلك.
قال ابن قدامة- رحمه الله- في المغني: إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل كالحيض والجنابة، أو التقاء الختانين والإنزال، ونواهما بطهارته، أجزأه عنهما. قاله أكثر أهل العلم... .اهـ.
وقال صاحب كشاف القناع: وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ مُتَنَوِّعَةٌ - وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي أَوْقَاتٍ، تُوجِبُ وُضُوءً ... أَوْ تُوجِبُ غُسْلًا كَالْجِمَاعِ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَالْحَيْضِ - فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا, ارْتَفَعَ هُوَ - أَيْ الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ - وَارْتَفَعَ سَائِرُهَا؛ لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ تَتَدَاخَلُ, فَإِذَا نَوَى بَعْضَهَا غَيْرَ مُقَيَّدٍ ارْتَفَعَ جَمِيعُهَا.اهــ. والردة عند بعض العلماء حدث, كما قال صاحب المغني: الرِّدَّةَ حَدَثٌ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحَدَثُ حَدَثَانِ؛ حَدَثُ اللِّسَانِ، وَحَدَثُ الْفَرْجِ، وَأَشَدُّهُمَا حَدَثُ اللِّسَانِ. اهــ.
وعلى كل: فإن اغتسالك لكل تلك الأحداث غسلًا واحدًا، يجزئ على ما ذكرناه سابقًا.
مع التنبيه على أن القائلين بوجوب غسل الكافر - سواء كان مرتدًا أو أصليًا - قالوا: يكفيه غسل الإسلام عن غسل الأحداث التي وقعت منه حال الكفر. جاء في كشاف القناع: وَلَا يَلْزَمُهُ - أَيْ: الَّذِي أَسْلَمَ - غُسْلٌ آخَرُ بِسَبَبِ حَدَثٍ وُجِدَ مِنْهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ, بَلْ يَكْفِيهِ غُسْلُ الْإِسْلَامِ, سَوَاءٌ نَوَى الْكُلَّ، أَوْ نَوَى غُسْلَ الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ غَيْرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ وُضُوءً أَوْ غُسْلًا ... اهــ.
ونسأل الله تعالى أن لا يزيغ قلبك بعد أن هداك للإيمان، وأن يؤتيك من لدنه رحمة، ويهيئ لك من أمرك رشدا.
والله أعلم.