الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقوع الطلاق في مثل حالتك مختلف فيه ـ كما ذكرنا في الفتوى التي أشرت إليها ـ وحيث اختلفت على المستفتي الفتوى فليعمل بما يغلب على ظنه أنه الحق، إما بالنظر في أدلة كل فتوى والعمل بأرجحها إن كان يقدر على ذلك، وإما بتقليد الأوثق عنده إن كان غير مؤهل للنظر في الأدلة، قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل فكيف في المستفتي من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقِّل أن يعقل، وإذا فُهِّم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم، فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى.
وإذا تساوت عنده الأقوال ولم يترجح منها قول، فله أن يأخذ بأيسرها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:... الإنسان إذا اختلفت عليه الفتوى فإنه يتبع من يراه أقرب إلى الحق، لغزارة علمه، وقوة إيمانه، كما أن الإنسان إذا كان مريضًا ثم اختلف عليه طبيبان فإنه يأخذ بقول من يرى أنه أرجح لما وصفه له من دواء، وإن تساوى عنده الأمران، أي لم يرجح أحد العالمين المختلفين، فقال بعض العلماء: إنه يتبع القول الأشد، لأنه أحوط، وقال بعض العلماء: يتبع الأيسر، لأنه الأصل في الشريعة الإسلامية، وقيل: يخيَّر بين هذا وهذا، والراجح: أنه يتبع الأيسر، لأن هذا موافق ليسر الدين الإسلامي، لقول الله تبارك وتعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْر. اهـ
والله أعلم.