الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما دمت لم تشتر تلك الأرض ابتداء بنية التجارة، فإنه لا زكاة عليك فيها عن تلك السنين كلها، وإنما تجب عليك الزكاة في ثمنها بعد أن يحول عليه الحول من يوم قبضه، وهذا قول الجمهور, وذهب بعض أهل العلم إلى أنه تجب عليك الزكاة في قيمة الأرض إذا كنت غيرت نيتك ونويت بها التجارة, فيبدأ حول الزكاة من الوقت الذي نويت به التجارة, فتنظر كم سنة مرت من ذلك الوقت، وتخرج عن قيمة الأرض في كل سنة منها ربع العشر أي 2.5 % , والقول الأول هو المفتى به عندنا.
قال الماوردي الشافعي في الحاوي: إِذَا اشْتَرَى عَرَضًا لِلْقِنْيَةِ، فَلَا زَكَاةَ فيه، فإذا نَوَى بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ، حَتَّى يَتَّجِرَ بِهِ، وَلَا يَكُونُ لِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ حُكْمٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وأبي حنيفة. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ، وَتَجْرِي فِيهِ الزَّكَاةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحُسَيْنِ الْكَرَابِيسِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ عَرَضَ التِّجَارَةِ، لَوْ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ سَقَطَتْ زَكَاتُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، فَكَذَلِكَ عَرَضُ الْقِنْيَةِ، إِذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ، جَرَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ فِي الْعَرَضِ لِأَجْلِ التجارة، والتجارة تصرف، وفعل الحكم إِذَا عُلِّقَ بِفِعْلٍ لَمْ يَثْبُتْ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، حتى يقترن به الفعل. اهــ.
وعليه فإنك إذا بعت الأرض وقبضت الثمن، فاستقبل به حولا هجريا, وإذا تم الحول فأخرج منه ربع العشر؛ وانظر الفتوى رقم: 148691 ، والفتوى رقم: 147273 .
والله أعلم.