الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجوع إلى الحق حق، كما قال القائل:
ليس من أخطأ الصواب بمخطٍ إن يؤب لا، ولا عليه ملامهْ
إنما المخطئ المسيء من إذا ما ظهر الحق لَجّ يحمي كلامهْ
حسنات الرجوع تذهب عنه سيئات الخطأ وتنفي الملامهْ.
فينبغي للمسلم إذا تبين له الخطأ أن يبادر بالرجوع عنه، ويبين ذلك لمن سمعه منه، ويتأكد ذلك إذا كان الخطأ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في حكم شرعي، ويأثم إذا لم يفعل؛ لما في سكوته عن بيان الصواب لمن سمعوا منه الخطأ من إقرارهم عليه، ولما فيه أيضا من كتم العلم؛ وانظر الفتوى رقم: 2424.
أما مجرد الخطأ فإنه لا إثم فيه؛ لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}. وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
والحديث المشار إليه رواه البيهقي في شعب الإيمان، وقال عنه السخاوي: لم أقف عليه بهذا اللفظ، ولكن روي معناه عند الطبراني. وله روايات كثيرة يعضد بعضها بعضا، فترتقي به إلى درجة الصحيح لغيره.
وانظر الفتوى رقم: 68280.
وروى ابن ماجه وغيره عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده؛ لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله، ودمه، وأن يظن به إلا خيراً. وقد ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة.
والله أعلم.