الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي وردت به السنة الشريفة هو قول أذكار النوم بعد أخذ المضجع، فعن عَلِيٌّ - رضي الله عنه - أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى... الحديث، وفيه: إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، فَكَبِّرَا الله أَرْبَعاً وَثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وجاء في بعض الأحاديث لفظ ثم، التي تفيد الترتيب، فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللهمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلا إِلَيْكَ، اللهمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، قَالَ: فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
ولم نقف على خبر في أن هذه الأذكار تقال قبل أخذ المضجع، والأصل في العبادة التوقف.
وعلى هذا، فمن يجيء بأذكار النوم قبل الاستلقاء على الفراش، فلا يقال إنه جاء بأمر غير مشروع؛ لدخول ما فعله في عموم قول الله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ {آل عمران:191}، وقوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ {النساء:103}، ولكنه لا يعتبر آتيًا بسنة أذكار النوم فيما يظهر لنا.
والله أعلم.