الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بحثنا فى كتب ابن القيم , ولم نجد فيها توضيحا لما قصده بـ" حدود الصلاة " , والذى وقفنا عليه أن بعض أهل العلم يطلق حدود الصلاة على صفتها وهيئتها, ومن ذلك ما جاء فى تفسير الجصاص عند قوله تعالى : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا {النساء:101}، وروي عن ابن عباس رواية أخرى غير ما قدمنا في القصر وهي أنه قال: إنما هو قصر حدود الصلاة، وأن تكبر وتخفض رأسك وتومي إيماء. انتهى.
وفي المقدمات لابن رشد: والثاني: أنه القصر من حدود الصلاة بصلاتهم إيماء إلى القبلة وإلى غير القبلة، عند شدة الخوف والتحام الحرب، كقوله تعالى في آية البقرة: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} انتهى.
وفي الموافقات للشاطبي :قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يُرَوِّحَ الرَّجُلُ قَدَمَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا كَرِهَ أَنْ يُقْرِنَهُمَا حَتَّى لَا يَعْتَمِدَ عَلَى إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ حُدُودِ الصَّلَاةِ إِذْ لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالصَّحَابَةِ الْمَرْضِيِّينَ، وَهُوَ مِنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ انْتَهَى.
والله أعلم.