الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج على التالي في سؤال الله تعالى، إذا مر بآية فيها الحث على دعاء الله كقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}، أو قوله: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ {النساء:32}.
قال النووي في المجموع: قالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُنَا: يُسَنُّ لِلْقَارِئِ فِي الصَّلَاةِ، وَخَارِجِهَا إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الرَّحْمَةَ، أَوْ بِآيَةِ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ مِنْ الْعَذَابِ، أَوْ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ أَنْ يُسَبِّحَ، أَوْ بِآيَةٍ مَثَل أَنْ يَتَدَبَّرَ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ، وَالْمُنْفَرِدِ، وَإِذَا قَرَأَ: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ـ قَالَ: بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَإِذَا قَرَأَ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ـ قَالَ: آمَنَا بِاَللَّهِ، وَكُلُّ هَذَا يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ قَارِئٍ فِي صَلَاتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ صَلَاةُ الْفَرْضِ، وَالنَّفَلِ، وَالْمَأْمُومُ، وَالْإِمَامُ، وَالْمُنْفَرِدُ، لِأَنَّهُ دُعَاءٌ، فَاسْتَوَوْا فِيهِ كَالتَّأْمِينِ، وَدَلِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فقرأها، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إذَا مَضَى بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ سُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ـ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ. انتهى.
ومن أهل العلم من يرى أن استحباب ذلك خاص بالنفل دون الفرض، قال ابن قدامة في المغني: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي نَافِلَةً إذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَهَا، أَوْ آيَةُ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهَا... إلى أن قال: وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَرِيضَةٍ، مَعَ كَثْرَةِ مَنْ وَصَفَ قِرَاءَتَهُ فِيهَا. انتهى.
والله أعلم.